عودة هيبة الدولة.. واجب وطني
حان الوقت لفرض هيبة الدولة المصرية.. هذا هو الشعار الذي يجب أن ترفعه الدولة خلال الفترة المقبلة, وتعمل علي ترسيخه في ظل تطبيق خريطة الطريق.. لأنه بدون عودة هيبة الدولة لن نتحرك خطوة للأمام, والنتيجة ستكون ضياع مصر.. وهو ما لن يقبله أحد.
لا أحد يستطيع أن ينكر أن هيبة الدولة المصرية تراجعت كثيرا منذ ثورة25 يناير حتي الآن, وانتشرت أشكال كثيرة للفوضي واستغل البعض حالة الحرية التي اكتسبها الشعب بعد25 يناير وحولها لفوضي, وحاول الكثيرون التطاول علي الدولة وهيبتها بحجة الحرية.
فقد تنوعت الجرائم بعد الثورة المصرية, وزادت نسب هذه الجرائم في ظل غياب تام للشرطة المصرية في الشهر الأولي للثورة, ورغم عودة الشرطة واستردادها جزءا من قوتها إلا أن هيبة الدولة لم تعد.
ولكن عودتها أصبحت ضرورية, ولن نبالغ إن قلنا إن عودة هيبة الدولة واجب وطني, في ظل الفترة الحرجة التي نعيشها وتقتضي أن تكتمل كل أركان الدولة حتي نعبر بمصرنا إلي بر الأمان..
في السطور القادمة استطلعنا آراء عدد من الخبراء.. وطرحنا عليهم السؤال.. ما هي الإجراءات التي يجب أن نقوم بها حتي تسترد الدولة المصرية هيبتها؟
المستشارة تهاني الجبالي, نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق, أكدت أن هيبة الدولة عنوانها دولة القانون, فقيمة سيادة القانون في المجتمع هي أن يشعر الحاكم والمحكوم الكبير والصغير, أنهم متساوون في المسئولية وأن القانون لا يفرق بين أيهم, وأن يراعي كل منهم علي أي تصرف يمكن أن ينتج عنه ما يضر أمن المواطنين والدولة.
وأكدت أنه لكي تعود هيبة الدولة لابد من تفعيل سلطات الدولة المعنية بحكم القانون, من شرطة والتي يجب ان تلتزم بسيادة القانون في الشارع, والدوائر الثقافية وهي المعنية بتزكية هيبة القانون, مؤكدة ضرورة تقوية فكرة العدالة الناجزة وأن يطبق القانون حتي يشعر المواطن أنه هناك سيادة للقانون في الشارع تحميه وتؤمنه من أي أضرار.
وأشارت الجبالي إلي أن الدستور الجديد المطروح للاستفتاء يومي14 و15 يناير, في حال الموافقة عليه من قبل المواطنين سيدعم بشكل كبير استرداد الدولة هيبتها التي تراجعت منذ ثورة25 يناير, مؤكدة أن الدستور هو تاج دولة القانون وهيبتها, فالدستور يعبر عن مقومات الدولة وتحصين نظام الحكم, وتنظيم الحريات والحقوق فهو ضابط لكل شيء, لأننا في النهاية نصبح أمام دولة مكتملة الأركان.
ويقول الدكتور حسن نافعة, أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة, البعض يتصور أن هيبة الدولة تفرض من خلال أجهزة الأمن ومبدأ السمع والطاعة, ولكن هذا غير صحيح, فهيبة الدولة تنبع من قدرتها علي تطبيق القانون علي الجميع دون تمييز واحترام حقوق الإنسان, وانتظام دولايب العمل, وغيرها.
وأشار نافعة إلي أن الوضع الحالي في مصر استثنائي, فهناك تداعيات ثورة لم تكتمل فهناك نوع من الانقسام والانشطار داخل النسيج الاجتماعي وبالتالي يجب التعامل مع القضية ليس من منطلق هيبة الدولة ولكن من منظور إدارة الأزمة, فنحن أمام أزمة سياسية حادة يجب أن نخرج منها.
وأشار, لدينا وضع مضطرب جدا ومقلق وتصرفات الحكومة توحي بالارتباك وتجعل المواطن يشعر بأن الدولة لا تحترم, فالحكومة المرتعشة والمترددة لا توحي بالهيبة علي الإطلاق, وبالتالي لابد من عودة هيبة خلال الفترة المقبلة.
أما الأستاذ صلاح عيسي, الكاتب الصحفي, فيقول, الدول والأنظمة السياسية تكتسب هيبتها من وجود دولة القانون, وأن تكون الدولة محكومة بقوانين ديمقراطية طبقا للمعايير الدولية المعروفة, تساوي بين المواطنين جميعا أمام القانون, ويكون لديها قضاء ناجز يحكم بين الناس بالعدل وأن تكون هناك أجهزة تطبق القانون بحزم علي الجميع دون استثناءات حتي يشعر المواطن بأن الدولة تحافظ علي حقوقه وتلزمه بأداء واجباته, وإذا التزمت الدولة المصرية بهذه المعايير خلال المرحلة المقبلة, فسنتمكن من استرداد هيبة الدولة التي فقدت خلال الفترة الماضية.
وأشار الأستاذ صلاح عيسي إلي أن البعض يتخيل أن الشعب المصري فوضوي وغير ملتزم, ولكن هذا الكلام غير حقيقي وليس في محله, فالتاريخ أثبت أن المصريين شعب عظيم, والتاريخ أكد أنه حينما يكون هناك قانون ديمقراطي يعطي المواطن المصري حقوقه ويلزمه بواجبات فإن المواطن المصري يلتزم به ويطبقه برحابة صدر, ولا يلجأ لأشكال الفوضي إلا إذا شعر بأن هناك خيار وفاقوس, أو أنه هناك استثناءات في تطبيق القانون.
اللواء محمد رشاد, وكيل جهاز المخابرات السابق, تحدث عن هيبة الدولة من منظور آخر, مؤكدا أن هناك من يسعون إلي تغييب هيبة الدولة المصرية والقضاء عليها وأسماهم الطابور الخامس وأكد أن هذا الطابور الخامس يتمثل في منظمات المجتمعات التي تربت ومولت من قبل المخابرات الأمريكية, وهؤلاء في ظاهرهم يبدو أنهم وطنيون وثوريون ويسعون إلي العمل من أجل مصلحة مصر ولكن حقيقتهم أنهم مخربون وعملاء ولا يريدون استقرارا لهذا البلد, فهم يخدمون مصالح سيدهم الأمريكي.
أما اللواء الدكتور طارق خضر, أستاذ القانون بكلية الرشطة, فأكد أن الأمن أو وزارة الداخلية هو جهة إنفاذ القانون, ويلزم أن يكون هناك تشريعات معينة, وبالفعل صدر القرار رقم107 لسنة2013 والمعروف بقانون التظاهر السلمي, حيث نص القانون علي إجراءات معينة لتنظيم المظاهرات منها الإخطار, ومن يخالف ذلك أو يخرج عليه تقوم الشرطة باتخاذ اللازم حياله, وهذا ما حدث بالفعل عندما تم خرق قانون التظاهر السلمي من قبل البعض وهو ما ساعد علي عودة هيبة الدولة تدريجيا.