شريف اسماعيل وزير البترول:150 مليارا قيمة الدعم المتوقع
توافر المنتجات البترولية.. أصبح من الهموم المستمرة للمواطن المصري. فبالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة لدعم هذه المنتجات إلا أن الشكوي مستمرة من ارتفاع اسعار النقل, ويضاف إلي ذلك ازمة البوتاجاز التي لم تنته حتي الان برغم الوعود الكثيرة بإنقضائها خلال فترة وجيزة.
وأيضا فاتورة الدعم التي تزيد بصفة مستمرة والجدل الشديد حول استمراره أو الغائه او ترشيده, كما أن المصانع المصرية تشكو من نقص الغاز ومن انقطاع الكهرباء الذي يحمله كثيرون بسبب عدم توافر الوقود اللازم لها والمخاوف من تكرار هذه المشكلة بالنسبة للمواطنين في الصيف المقبل. وبالتالي فقد كان من الضروري إجراء هذا الحوار مع المهندس شريف اسماعيل وزير البترول والثروة المعدنية الذي أجاب عن كل هذه التساؤلات.
ما هو الموقف بالنسبة لأسعار المنتجات البترولية في الوقت الحالي وهل تري أنها مناسبة سواء من الناحية الاقتصادية والاجتماعية.. أم أن الأمر يتطلب مراجعة لها.وبمعني أكثر وضوحا هل حقق الدعم الكبير الحالي لهذه المنتجات المستهدف منه؟
منظومة الدعم الحالية لم تحقق مصلحة المواطن ولا مصلحة الدولة.. وإذا تساءلنا في هذا المجال.. أنه عندما ثبتنا أسعار البنزين والسولار والمازوت والبوتاجاز لفترات طويلة هل منع هذاارتفاع أسعار باقي السلع المرتبطة بهذه المنتجات كوسائل النقل والميكروباصات وتكلفة نقل البضائع والخدمات الأخري. فسعر البوتاجاز مثلا ظل ثابتا بمقدار تسعين قرشا من سنة1992 الآن أي أن سعره ثابت منذ21 سنة.والبنزين92 بدأ من2004 سعر اللتر جنيه وأربعون قرشا وفي2008 وصل سعره إلي جنيه وخمسة وثمانين قرشا واستمر حتي الآن بدون زيادة أي أن سعره ثابت منذ حوالي خمس سنوات. أما السولار فكان سعره أربعين قرشا في سنه1993 وفي2006 وصل سعره إلي خمسة وسبعين قرشا وفي2008 وصل سعره إلي جنيه وعشرة قروش. وهو السعر الثابت حتي الآن. أما أسطوانة البوتاجاز فكان سعرها جنيهين وخمسين قرشا في سنة1991 واستمر حتي بداية2013 حيث وصل سعرها إلي ثمانية جنيهات. وبالتالي الدعم وصلت قيمته الاجمالية في العام الماضي إلي129 مليار جنيه منها57 مليارا تخص السولار و28مليارا للبنزين و22مليارا للبوتاجاز ودعم منتجات أخري.
هل تري أن تثبيت الأسعار حل ضروري اقتصاديا ولكن مستحيل سياسيا؟
أريد أن أقول أن هذا الوضع اثر سلبا علي الجميع, فبالنسبة للمواطن لأن هذا الأسلوب استنفد جزءا كبيرا من موارد الدولة كان يمكن توجيهه لقطاعات أخري مثل التعليم والصحة والنقل وفي نفس الوقت أثر سلبيا علي قطاع البترول في توفير السيولة اللازمة.. لأن جزءا كبيرا من الأزمات المتعلقة بتوفير المنتجات التي كانت تحدث في الماضي ترجع لعدم توافر السيولة. وبالنسبة للدولة وبالتحديد قطاع البترول فقد أثر ذلك علي السيولة المتاحة لدي القطاع في توفير منتجاته للشركاء الأجانب. وأريد أن أوضح في هذا المجال أن المشكلة ليست منذ ثلاث سنوات حتي لانحمل ذلك لثورة يناير وانما ترجع إلي ست سنوات أي منذ2008 وتتراكم المديونية لصالح الشركاء الأجانب. وبالتالي استمرار هذه الموقف يمكن أن يزيد الدعم من129 مليار جنيه إلي150 مليار جنيه في العام الحالي نتيجة لاستمرار الأسعار الحالية للمنتجات وأيضا لزيادة الاستهلاك وزيادة الأسعار العالمية وزيادة سعر النقد الأجنبي. استمرار الوضع علي ماهو علي وضع خطأ وخطير علي الاقتصاد القومي علي القدرة علي استمرار توفير احتياجات البلاد من المنتجات البترولية وأيضا يمثل خطورة علي البلاد وعلي قدرتها علي النمو بالمعدلات المطلوبة.. حيث إنه جزء من الزيادة في الناتج القومي يستنفد في الدعم لأنه يزيد ثم إذا كانت الدولة تستهدف تحقيق معدلات نمو أكبر فهذا معناه أنه من المطلوب استهلاك طاقة أكبر وهذا معناه أنه ــ في حالة استمرار هذه الأسعارــ فإن قيمة الدعم سترتفع وسيكون لها تأثير سلبي علي الناتج القومي وعلي الاقتصاد لابد من مواجهة هذه الموضوع بشكل أكثر واقعية.. فإذا كان الجانب السياسي مهما فإن الجانب الاقتصادي مهم جدا.. والجانب السياسي هنا مقصود به اختيار الوقت المناسب لإصلاح هذه المنظومة ويتطلب الأمر هنا أن نعرض أبعاد هذا الموضوع بأمانة وصدق ــ أي دعم المنتجات البترولية وتداعياته بالشكل الحالي ــ وذلك علي المواطن بحيث يتعرف علي أبعادها وعلي تأثيرها. مع التأكيد علي أن المستحق للدعم سيحصل عليه. فإذا كنا نقول مثلا أننا سنطور منظومة التعليم.. فإن أكثر المستفيدين هم محدودو الدخل و كذلك بالنسبة لنظام التأمين الصحي فإن المستفيد الأساسي منه هم أصحاب الدخل المحدود.. إذن فعندما نقول أن ما سيتم توفيره من قيمة دعم المنتجات البترولية سيوجه بصفة أساسية لمحدودي الدخل في مجالات التعليم والصحة والنقل وغيرها ولابد هنا من أن نصل لمعادلة نستطيع من خلالها التقليل من التأثير السلبي لدعم المنتجات البترولية وفي نفس الوقت يستفيد به المواطنون المستحقون.
الحكومة الحالية جادة جدا في التعامل مع ملف الدعم.. وستبدأ في تنفيذ الحلول الخاصة به.. ولكن علي أي أساس يتم احتساب ما تتحمله الدولة من دعم لتوصيل المنتجات البترولية بأسعار مخفضة للمواطنين. نحن لانحتسب قيمة الدعم أو ماتتحمله الدولة علي أساس السعر العالمي, ولكننا نريد أن نصل للسعر العالمي ولكن الهدف ان نصل للتكلفة.. أي أن ما تتحمله الدولة من تكلفة بتوفير المنتج يعود إليها مرة أخري في صورة ايرادات. لا نستهدف اطلاقا تحقيق صفر دعم أي الغاء الدعم بصفة نهائية فأسلوب صفر دعم مطبق في بعض الدول الصناعية المتقدمة والغنية,ولكن لابد أن يستمر قدر من الدعم لمحدودي الدخل والفقراء لحين تحسن موقف الاقتصاد القومي وحتي يرتفع دخل المواطن بحيث يصبح متناسبا مع الأسعار ويصبح قادرا علي سداد قيمة المنتج.. فإلغاء الدعم غير وارد ولكن يبقي أن نستطيع تحقيق هدف أن ايرادات الدولة تغطي تكلفة توفير المنتج للسوق المحلية
هل يتم حساب قيمة الدعم علي أساس الفارق بين سعر المنتجات بالسوق المحلية وأسعارها في السوق العالمية أو علي أساس تكلفة توفيرها بالسوق المصرية؟
قيمة الدعم تحتسب علي أساس الفارق بين أسعار المنتجات البترولية في السوق المحلية وبين القيمة الفعلية لتكلفة توفيرها سواء إذا كانت تنتج محليا أو تكلفة استيرادها من الخارج.. فمصر تستهلك منتجات بترولية بقيمة350 مليار جنيه بالأسعار العالمية ويشمل ذلك كل أنواع هذه المنتجات وتشمل بنزين والسولار والمازوت والبوتاجاز. وقيمة توفير هذه المنتجات بالسوق المحلية من الإنتاج المحلي أو طبقا للتكلفة الفعلية للإستيراد تصل إلي192 مليار جنيه وايرادات البيع وفقا لأسعار السوق المحلية69 مليارا والمسدد الفعلي41 مليارا
أي أن العجز الفعلي بين التكلفة الحقيقية لتوفير المنتجات وبين المحصل الفعلي لها151 مليار جنيه.
المرحلة الثانية من الكروت الذكية متي تنفذ بصورة فعلية, وهل سترتبط بزيادة في اسعار المنتجات البترولية: ؟
تطبيق المرحلة الثانية من الكروت الذكية لاعلاقة له بالاسعار.. وهذه المرحلة تستهدف ان يستخدم المواطنون الذين يقودون السيارات الكروت في الحصول علي الوقود والهدف من الكروت هو ضبط السوق.. فإذا حصلت أحدي محطات البنزنين علي40 ألف لتر.. فإننا نريد التأكد ماذا فعلت بهذه الكمية.. كما أننا نريد أن نعرف من هو المستفيد الفعلي من المنتجات سواء كان قطاع الصناعة أو الزراعة أو من السياحة أو المواطنين العاديين.. حيث يمكن بالفعل من خلال هذا الأسلوب التأكد من كمية الاستخدام الفعلي لكل قطاع. فالكارت هدفه تحديد الكميات وتصبح لدينا قواعد بيانات واضحة ودقيقة وبالتالي نستطيع ان نحدد أفضل اساليب التعامل مع ملف الوقود بصورة دقيقة وحرفية وسيتم في البداية توقيع بروتوكول خلال الأيام القليلة المقبلة مع وزارتي البترول والداخلية, ويلي ذلك فترة شهرين لإدخال بيانات, ثم سيتم اعطاء شهرا للتجربة, وبالتالي نستهدف أن يبدأ التطبيق الفعلي في مارس المقبل لتطبيق نظام الكروت الذكية في جمبع محطات البنزين.. ويشمل ذلك5 ملايين سيارة.
وماذا عن مواجهة مشكلة نقص الغاز وهل سيتم السماح باستيراده؟
توفير احتياجات مصر من الغاز هدف اساسي يسعي قطاع البترول لتحقيقه وفي هذا المجال نعمل علي محورين الأول العمل علي زيادة الإنتاج المحلي من الغاز بمقدار400 مليون قدم مكعب يوميا أي مايعادل10% من حجم الإنتاج الحالي وفي نفس الوقت نستهدف الانتهاء من إجراءات الإعداد لاستيراد الغاز لأول مرة في مصر بحيث يتم بدء استيراده بصورة فعلية قبل بدء موسم الصيف المقبل. وسيتم استيراد الغاز من خلال ميناء العين السخنة ومن المتوقع أن يتم استيراد8% من احتياجات مصر من الغاز لتوفير احتياجات قطاع الكهرباء بحيث تتم زيادة موارد مصر المتاحة من الغاز بنسبة18% مع مراعاة أن مايتم توفيره من غاز محلي بعد استخدام المثيل المستورد في قطاع الكهرباء سيستخدم في توفير الاحتياجات الأخري من الغاز في مصر ويشمل ذلك بصفة أساسية قطاع الصناعة ومن المنتظر أن يكون الصيف المقبل والفترة التي تليه بإذن الله أفضل من مثيلاتها في هذا العام.. خاصة بالنسبة للحد من انقطاعات التيار الكهربائي سواء للمصانع أو المنازل.