عمرو موسى رئيس «الخمسين» فى حوار: لست مرشحاً للرئاسة.. وضميرى مرتاح لـ«الدستور»
استقبلنا بحفاوة كعادته، وبدا يشعر بارتياح لما قدم. من الوهلة الأولى تتأكد أنك أمام رجل دولة من الطراز الأول، يعرف متى يتكلم.. ومتى يصمت.. يجيد اختيار عباراته بدقة الدبلوماسى المخضرم، إجاباته قد تضعك فى حيرة أحيانا، وأحيانا أخرى تكون حاسمة يبدد بها أى شك. على مدى ساعتين داخل مجلس الشورى، التقينا عمرو موسى، رئيس لجنة الخمسين لتعديل الدستور، وتحدث لـ«المصرى اليوم»، فى كل القضايا الخاصة والعامة والداخلية والخارجية بقلب مفتوح، كان أبرزها أنه ليس من مرشحى الانتخابات الرئاسية المقبلة نهائيا، وأنه يؤيد ترشيح الفريق أول عبدالفتاح السيسى، القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، لأن السيسى يترجم رغبة الشارع. وأضاف «موسى» أن الرئيس القادم يجب أن تتوافر فيه عدة صفات منها أن يكون رجل دولة «فاهم» لكيفية إدارة الأمور، وقوى ولديه خبرة، ويعى معنى العلاقات الدولية ومهتم بالشأن الداخلى، مشيرًا إلى أنه يؤيد إجراء الانتخابات البرلمانية أولا، لأن البلد لا ينقصه رئيس وإنما ينقصه برلمان، ويرى أن النظام الأفضل هو إجراء الانتخابات البرلمانية بنظام ثلثى المقاعد للفردى والثلث للقائمة، وإلى نص الحوار:
■ لماذا تفضل إجراء الانتخابات البرلمانية أولا؟
- المسألة بسيطة للغاية، فمصر لها رئيس وبالتالى المنصب غير شاغر، والواقع أن الشاغر هو البرلمان، وبالتالى البلد لا ينقصه رئيس إنما برلمان، ثم إننى لا أرى أن الجو العام لمرشحى الرئاسة اكتمل أو «استوى»، لذا إجراء الانتخابات البرلمانية يعطى فرصة أكبر لمرشحى الرئاسة، أما على مستوى نواب البرلمان فهناك الكثير منهم مستعدون للترشح سواء كانوا عائلات أو أحزابا.
■ لكن فى ظل حالة الصراع التى تشهدها البلاد، يرى البعض أن إجراء الانتخابات الرئاسية أولًا أفضل، حتى يكون هناك رئيس منتخب يتعامل مع الوضع الخارجى على الأقل؟
- الأطراف الخارجية ليست ساذجة لتبنى تعاملها مع مصر على أساس انتخاب الرئيس، إنما يمكن أن تبنيه من خلال انتخاب البرلمان، فالبناء الحقيقى للعالم الخارجى مع مصر سيكون على مجمل تنفيذ خارطة الطريق، ومدى الالتزام بها، فعندما انتهينا من مشروع الدستور، كان له مردود جيد فى الخارج، وعندما تم تحديد موعد الاستفتاء كان له أيضا أثر فى الخارج، وهكذا إلى أن تكتمل خارطة الطريق، وننتهى من المرحلة الانتقالية.
ووجود برلمان ورئيس منتخبين يمكن من وضع خطط قريبة وأخرى بعيدة المدى للنهوض بالمجتمع، وقد قرأت مقالا كتبه جمال فهمى، وكيل نقابة الصحفيين، يقترح فيه طرح سؤال على الشعب فى بطاقة الاستفتاء حول أى الانتخابات تريد إجراءها أولا البرلمانية أم الرئاسية، وأنا أرى أنه اقتراح جيد، ورغم أننى أؤيد البرلمان أولا، لكن لا يوجد عندى مشكلة إذا قرر الشعب إجراء الانتخابات الرئاسية أولا، فالمهم بالنسبة لى هو الانتهاء من خارطة الطريق.
■ ألا تعتقد أن الكتل الحزبية التى ستسيطر على البرلمان سيكون لها تأثير على انتخاب الرئيس بشكل أو بآخر، مثلما حدث فى الانتخابات الماضية؟
- هذا أمر ليس مقررا، وجماعة الإخوان كان لها نصيب الأسد فى البرلمان المنحل، ولكن هذا ليس هو ما أدى لانتخاب محمد مرسى، إنما كان يعكس قوة سياسية لحزب معين، وما يهمنى هو الانتهاء من المرحلة الانتقالية، ووجود برلمان يشكل حكومة تضع خططا وتنهض بالبلد وتكون مسؤولة، وتستطيع العمل فى التنمية الاقتصادية.
■ إذا كان رئيس لجنة الخمسين يؤيد إجراء الانتخابات البرلمانية أولا، لماذا لم تحسم اللجنة هذا الأمر وفضلت تركه لرئيس الجمهورية؟
- لأن اللجنة انقسمت فى هذا الشأن، وأنا رئيس اللجنة وما أملكه هو صوت كباقى الأعضاء، ومثل هذا الأمر لا يمكن أن يتم بالتصويت فقط، إنما يجب التوافق عليه وهو ما لم يكن موجودا، ولذلك رأينا تركه للرئيس.
■ الحديث عن الانتخابات البرلمانية يدفعنا إلى السؤال أيهما أنسب إجراء الانتخابات وفقا للنظام الفردى أم القائمة؟
- أرى أن تتم الانتخابات البرلمانية على أساس ثلثى المقاعد بالنظام الفردى، والثلث بنظام القائمة، أو ثلاثة أرباع المقاعد بالفردى والربع بالقائمة، ونسبة القائمة هذه هى من أجل الحفاظ على نصيب الأحزاب، وهذا الأمر فى يد الرئيس حاليا وهو من يقرره.
■ بحكم التواصل المستمر بينك وبين الرئيس وكبار رجال الدولة، إلى أى شىء تميل الرئاسة فى هذه القضايا؟
- أنا لست من الحكام أو عضوا فى الحكومة، وتواصلى محدود ولا أعلم ما سيحدث.
■ أعلنت تأييدك لترشيح الفريق أول السيسى، ولكن إذا لم يترشح كيف يمكن أن يكون الوضع من وجهة نظرك؟
-أولا، أنا لست من المرشحين نهائيا، ثانيا، أنا أؤيد ترشيح الفريق السيسى، لأن هذا يترجم الرغبة فى الشارع، أن يكون هو الرئيس القادم، فإذا كان هذا هو الشعور العام فنحن جزء من الشعور العام.
■ إذا رفض «السيسى» الترشح، فهل سيكون هناك مشكلة حقيقية فى الوجوه التى طرحت نفسها كمرشحى رئاسة؟
- أنا أؤمن أن البلد فى هذه المرحلة يحتاج جهودا قوية، وليس شرطا أن تكون رئيسًا أو تتولى منصباً لتبنى البلد، فأنت يمكن أن تبنى من منطلق المواطن المسؤول، وبالتالى يمكن لهذا أن يغير الأوضاع.
■ ما الصفات التى ترى ضرورة توافرها فى المرشح الرئاسى إذا لم يترشح «السيسى»؟
- فى كل الأحوال يجب أن يكون الرئيس القادم رجل دولة «فاهم» لكيفية إدارة الأمور، ويكون رجلا قويا، ولديه خبرة ويعى معنى العلاقات الدولية والأبعاد الإقليمية والدولية، ويكون مطلعا على الأوضاع المصرية الداخلية بشكل محايد وتام.
■ هل ترى أننا نحتاج «السيسى» تحديدا فى المرحلة المقبلة أم ترى أننا نحتاج إلى شخصية عسكرية حتى إن لم يكن «السيسى»؟
- لا، إننا نتحدث عن السيسى تحديدا، لأن الإعجاب والرغبة والحديث انعقدت كلها للفريق السيسى، وليس لشخصية عسكرية أخرى.
■ لو افترضنا أن «السيسى» استقال من موقعه وترشح فى الانتخابات، لكنه لم يفز، كيف سيكون الوضع وقتها؟
- القانون هو ما يحدد وليس لجنة الخمسين، وبالمناسبة لم يطلب منا أى شىء من هذا القبيل، والسيسى لم يطلب أى تحصينات.
■ نعود إلى الدستور، وتحديدا آخر الأزمات التى شهدتها اللجنة وكانت حول «الديباجة»؟
- ما حدث حول الديباجة ليس إلا زوبعة فى فنجان، ولا يوجد فيه أى عقدة أو إثارة كما حاول البعض تصويرها، فإن الجملة كانت «مصر دولة دستورية حديثة حكومتها مدنية»، وهذه عبارة قوية تتحدث عن دولة دستورية وحديثة وحكومة مدنية، والحكومة المدنية ترجمتها «civil administration»، ما يعنى أنها الجهة التى تدير الدولة بكل سلطاتها وليس مجلس الوزراء فقط، وهذا هو التعبير الموجود فى الدستور الأمريكى، ثم إن النقاش فى لجنة الخمسين أدى إلى أن هناك بعض المواد كان لها أكثر من 12 صيغة على أساس التعديلات، وتسرب الكثير منها وبنى عليها اعتراضات، فى حين أن الصيغة الأخيرة يمكن أن تكون مختلفة عن باقى الصيغ السابقة، والحكم فى النهاية ما تم التصويت عليه، وقد قرأت تلك النقطة على اللجنة مرتين، وجاء التصويت عليها بالإجماع.
■ ولماذا قرأتها هى - بالذات- مرتين؟
- لأننى أعلم الماضى الخاص بهذه النقطة من خلافات وحوارات، فأردت التأكيد على ما جاء فى النسخة النهائية، وبعد التصويت قلت فى المضبطة إن حكومتها مدنية تعنى أن حكمها مدنى لأقطع الشك باليقين.
■ ماذا حدث فى المادة 219؟
- ما قمنا به من أجل أن نزيل المادة 219 كان عملا هائلا، وأخذ وقتا طويلا، ووضعنا بدلا منها أمرا مختلفا، وهو أن مبادئ الشريعة الإسلامية، إذا احتاجت إلى تفسير فالمعنى بهذا المحكمة الدستورية العليا، وليست هيئة كبار العلماء، وهذا يظهر مدى مدنية الدستور، وعندما احتدم النقاش حول هذا الأمر، قال الأنبا بولا، ممثل الكنيسة: «نحن غير مصرين على وضع كلمة مدنية»، وقال ممثل الأزهر: «أنا ليس لدى مانع أن يتم وضع كلمة حكومتها مدنية»، واستقر الرأى على ما تم الاتفاق عليه.
■ ما المحطات الصعبة التى مرت بها اللجنة؟
- المادة 219 ونسبة الـ50% «عمال وفلاحين»، وبعض مواد القوات المسلحة، والسلطة القضائية، والسلطات الأساسية، ورئيس الوزراء، والمرأة والطفل، فإن وضع الدستور لم يكن سهلا، فكان يأتى كثيرون، ويقولون «سمعنا»، فى حين أننا لا يمكن أن نضيع وقتنا فى كلمة سمعنا، وكنت أقول لهم هذا، وإنه يجب قبل أن يتحدث أحد أن يطلب الشكل النهائى للمادة التى يريد التحدث عنها أولا وبعدها نتحدث.
■ ما سر تحمسك لإلغاء نسبة الـ50% «عمال وفلاحين»؟
- الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عندما وضعها وأقرها- لأهداف نبيلة فى الحقيقة- قال إنها لفترة انتقالية 8 سنوات، ولم يضعها كبند دائم، ثم إن من كانوا يحصلون على هذه النسبة لم يكونوا عمالا ولا فلاحين، والدستور تضمن مواد تهم الفلاحين والعمال، سواء كانوا الفلاحين والأرض والبذور أو الجمعيات الحرفية، وأهم شىء التزام الدولة بشراء المحاصيل الأساسية مع توفير هامش ربح للفلاح، وهذا كان أمرا مهما للفلاحين لأنه يريد الشيء الذى يلمسه.
■ بعض الانتقادات الموجهة للدستور أن بعض مواده طويلة نسبيًا إضافة إلى استحداث عدد كبير من المواد، فما تعليقك؟
- لا أرى أنها انتقادات، إنما أراها وصفا، فهناك عدد من المواد طويلة نسبيا وبعضها مختصر، وبالطبع لأننا نعالج أوضاعا بها خلل فى مصر يحتاج الأمر إلى تحديدات معينة.
■ ما مسمى منتج لجنة الخمسين فى بطاقة الاستفتاء، هل تعديلات دستور 2012 أم دستور جديد؟
- «يسموه زى ما يسموه» سواء كان دستور 2013 أو تعديلات دستور 2012، فإن ما قمنا به هو تعديل دستور 2012 ولكن بنسبة كبيرة جدا، فهناك 48 مادة مستحدثة، ومواد معدلة جزئيا تصل إلى 96 مادة، ومواد أخرى كما هى وعدد آخر من دساتير سابقة.
■ جملة «تلتزم الدولة» موجودة فى العديد من المواد، وكذا جملة «تكفل الدولة»، فما الفرق بينهما؟
- كلمة «تلتزم» تعبر عن التزام قاطع، يعنى ضرورة التزام البرلمان بإصدار قانون لهذه المادة، إذا احتاج الأمر لقانون لتنفيذها، و«تكفل» تعنى الالتزام الأدبى على الدولة.
■ لكنك تلمس الوضع الحالى، وتعلم أن الحالة الاقتصادية الحالية لا تسمح بأن تنفذ الدولة كل الالتزامات الواردة فى الدستور؟
- نعلم الوضع الاقتصادى جيدًا، ومن أجل هذا أجلنا التزام الدولة فى بعض المواد إلى بعد 3 سنوات، حتى يتسنى لها تنفيذها، ووزير المالية اتصل بنا، وقال إنه لا يملك ما يسمح بتنفيذ تلك الالتزامات، فقلنا له إن الالتزام ليس بداية من هذا العام، وأرى أن حسن إدارة الأمور وتخصيص الأموال تخصيصا سليما يؤديان لاستطاعة الدولة الإيفاء بالتزاماتها.
■ هل كان هناك نوع من الترضية لبعض الفئات؟
- كنا ننظر أثناء عمل اللجنة لما هو مهم وأساسى ومطلوب ومصلحة للبلد، فإذا كان كذلك كنا ننفذه، أما ما هو معقول ومقبول من ترضية ولا يضر فكان موجودا أثناء عملنا أيضا.
■ هل توجد نصوص بعد إقرارها ترى أن صياغتها كان يمكن أن تكون أفضل؟
- بالطبع، فهناك مواد كان يمكن أن تكون صياغتها أفضل، إنما متطلبات الوقت وتوافق الآراء جعلت بعض المواد تخرج بهذه الصورة.
■ لماذا لم تظل مسألة المحافظين والعمد بالانتخاب فقط وتمت إضافة «والتعيين أيضا»؟
- إن هذا الموضوع مهم جدا، فلأول مرة يوضع فى باب الإدارة المحلية نص يتحدث عن أن المحافظين يأتون بالتعيين أو بالانتخاب، وعدم وجود نص الانتخاب فقط لأن هناك رأيا داخل اللجنة تحدث عن أن هناك محافظات غير جاهزة لهذا، وأن الأمر يجب أن يأتى بالتدريج، فالمحافظات الحدودية مثلا لا يمكن انتخاب المحافظ فيها فى الوقت الحالى.
■ هل يمكن أن نقول إن ما حدث أمام مجلس الوزراء وتجميد بعض الأعضاء عضويتهم من أصعب أيام اللجنة؟
- نعم، ولكن هذه الأزمة لم تستمر سوى ساعات، وكانت خارج اللجنة، فعندما سمعنا عما يحدث أمام مجلس الوزراء، رفعنا الجلسة، وتحدثت مع وزير الداخلية ورئيس الوزراء، لإنهاء الأزمة، وفى اليوم التالى كان الأمر مستقرا واستأنفنا العمل.
■ ما حقيقة ما قيل عن وجود مواقف جامدة لممثلى القوات المسلحة وعدم وجود مرونة فيما يتعلق بمواد الجيش؟
- المفاوضات فى هذا الموضوع كانت مستمرة، وشكلت لجنة لها، مثلما شكلت لجان للمادة 219 ومواد الهوية، ونصوص القوات المسلحة لاقت اعتراضا كبيرا منذ بداية مناقشاتها، ولكن يجب أن أشير إلى أن ما كان أخطر من مواد القوات المسلحة هو مواد السلطة القضائية، فما حدث فى مواد القوات المسلحة أقل بكثير جدا مما حدث فيها.
■ من فاجأك بأدائه من الأعضاء؟
- الشباب، فقد كانوا على مستوى عالٍ جدا، وكان منهم من هو باحث وخطيب والمتخصص فى أمور معينة، وكانوا دائمى التواجد وأبهرونى.
■ مجلس الشورى ألغى فى الدستور الجديد، فهل سيعود قريبا؟
- أنا كنت من أنصار إلغائه، وكان هناك إجماع على ذلك، ولكننى كنت أدعو إلى عودة مجلس الشيوخ.
■ وما الفرق بينهما؟
- مجلس الشيوخ كان له دور تشريعى مهم، ولم يكن به مجاملات وظل موجودا حتى عام 1952، وأرى أن وجوده مهم لأنه يعمل كمصفٍّ للقوانين، ويساند مجلس النواب، لأن مصر عانت من ركاكة التشريعات والقوانين، وبالتالى لابد من مراجعة كل القوانين السابقة، وأرى أن الدولة خلال عام أو اثنين ستقرر عودة مجلس الشيوخ، على ما أعتقد، والشروط المفروضة لنائب مجلس الشيوخ، ألا تقل السن عن 40 عاما، وبالتالى له على الأقل خبرة 20 عاما، وأن يكون حاصلا على شهادة عليا.
■ لكن البعض يرى أن إلغاءه يوفر ميزانية ضخمة؟
- هذا غير صحيح، فالبعض قال إنه يكلف الدولة مئات الملايين، وهو ما اتضح أنه غير صحيح، فهو يكلف 100 مليون جنيه فى السنة، وبالمناسبة كانت هذه النسبة أجورا.
■ وما وضع مواد المحاكمات العسكرية؟
- أولا، المادة الخاصة بالقضاء العسكرى، عندما تنظر لتاريخها تجد أنها موجودة منذ دستور 71، وفى دستور 2012 نص على أن حكمها الضرر الذى يقع ولم يحدد نوع الضرر، وبالتالى يحال المدنى أمام القضاء العسكرى، أما فى الدستور الحالى فلا يجوز إحالة المدنيين للحكم العسكرى أبدا، إلا فى حالة محددة وهى الاعتداء المباشر على الثكنة أو المعسكر أو السلاح والوثائق أو التعدى على الضابط أو المجند أثناء تأدية عمله، وكل هذه النقاط لا يختلف عليها أحد، والاختلاف كان على أنه لا يصح على وجه الإطلاق تقديم أى مدنى لمحاكمات عسكرية، ولكن للظروف الحالية وضحايا الجيش اليومية كل هذا يجب أن يوضع فى الاعتبار، وعليه كانت الأغلبية بالتصويت على هذه المادة بواقع 41 صوتا.
■ ما توقعاتك لنسبة التصويت على الدستور؟
- أتوقع أن تأتى نسبة التصويت على الدستور بـ«نعم» 70% فيما أعلى.
■هل تشعر بتخوف من تزوير إرادة الشعب من جانب عناصر تنتمى لجماعة الإخوان، أو تيارات حليفة لها، التى تتولى الإشراف على الاستفتاء والانتخابات أو أعمال إدارية داخل اللجان؟
- أن يكون الإخوان معارضين للدستور هذا لا ضير فيه، فإذا عارضوا أو رفضوا فهذا أمر طبيعى، أما إذا حاولت أى مجموعة استخدام العنف لتخريب الدستور فهذا أمر غير مقبول، وعلى الدولة أن تكون واضحة وقاطعة تماما فى منع هذا، وأى أحد يحاول تخريب الدستور فلابد من منعه، والتأمين وإجراء الانتخابات متروكان للجنة العليا للانتخابات ووزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى، وعليها اتخاذ كل الإجراءات لتأمين الاستفتاء.
■ هناك البعض يتحدث عن أن الرئيس يمكن أن يزيد أيام الاستفتاء إلى 3 أيام بدلا من يومين؟
- أرى إجراءها على مرحلة واحدة على مدار يومين أمرا جيدا، ومن الممكن زيادة يوم ثالث، وهذه الزيادة يمكن أن تكون من باب استيعاب أعداد المصوتين، وهذا ما سيكون له الحكم فى هذا الأمر، وهو متروك لرئيس الجمهورية.
■ بماذا كنت توصى نفسك عندما توليت رئاسة اللجنة؟
- أول شىء أننى شعرت بالتحدى الهائل فى هذه اللجنة، خاصة فى ظل التنوع فى تركيبة أعضائها، إضافة إلى قصر الوقت، فهى تركيبة معقدة ووقت ضيق وواجب خطير للغاية، لأننا كنا نكتب الدستور، فجلست أفكر فى كيفية إدارة الأمر والمناقشات، وكانت النتيجة أننى قسمت أعضاء اللجنة إلى مجموعات عمل، وقررت أيضا أن يكون العمل فى اللجنة 12 ساعة يوميا إلى أن انتهينا، وكلما عملنا وقتا أطول كنا نعرف بعضنا البعض كأعضاء اللجنة بشكل أفضل، وبدأت أعرف عندما يتحدث أحد الأعضاء عما إذا كان حديثه نابعا عن دراسة أو كلام إنشاء، ولكن به جزء جيد يمكن أن نأخذه فى المواد، وأصبحت أعرف الأعضاء جميعا بشكل جيد وما هى اهتماماتهم، وأعرف أيضا العضو الذى يكون متشددا وفجأة يلين، لأن هناك مادة تتعلق به قاربت على المناقشة.
■ لماذا كان يأكل أعضاء اللجنة الفول والطعمية والكشرى؟
- لم يكن هناك «بط أو وز»، وعندما بدأنا فى عمل اللجنة كنت أحضر لهم الفول والطعمية، وبعدها الأعضاء بدأوا يشفقون على أنفسهم، فبدأ أحد الأعضاء يعزم وآخر يعزم وهكذا، وكانوا يبعدون عنى لأننى كنت هأكلهم «فول وطعمية».
■ ما تكاليف عمل اللجنة؟
- التكاليف كانت قليلة جدا، فنحن كنا ندفع ثمن الأكل، أما فيما يخص الأوراق وما شابه فإن من تكفل بها هو مجلس الشورى، ولم يكن هناك مخصص للجنة، وأنا كنت طالبت بتخصيص لعمل اللجنة، ولكنه لم يأت والإنفاق كان من ميزانية مجلس الشورى، أما بالنسبة للبدلات فلم يكن هناك بدلات للأعضاء لأن عمل اللجنة تطوعى، ولا يُدفع قرش لأحد.
■ قلت إن حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك انتهى قبل سقوطه، وكنت تتحدث عن: ماذا بعد سقوطه، من أين جاءت هذه القناعة؟
- يسجل لى أننى تحدثت قبل 25 يناير، وقلت إن الثورة قادمة، وهذا كان فى 19 يناير فى شرم الشيخ وأذيع على الهواء، وكان مبارك موجودا على المنصة، ومعه أمير الكويت، وكان الرئيس التونسى السابق، زين العابدين بن على، سقط، وقلت وقتها إن ثورة تونس ليست بعيدة عن هنا، فالجميع نظر لى، وجلست بجوار مبارك بعدها ولم يتحدث معى فى هذا الشأن، وكل ما قاله لى هل يمكن أن نشرب قهوة هنا فطلبت له ولى قهوة «سادة».
■ ومتى أيقنت أن حكم الإخوان سقط؟
- كنا نطالب قبل ثورة 30 يونيو بانتخابات رئاسية مبكرة، وعندما اجتمعت مع خيرت الشاطر، نائب المرشد العام للإخوان، عند أيمن نور، رئيس حزب غد الثورة، كان واضحا فى حديثه أنه لا يوجد انتخابات رئاسية مبكرة، وأن المعارضة ليست قوية، وأن 30 يونيو هيعدى، وفى هذه اللحظة أيقنت أنهم خارج الصورة نهائيا، فقد قلت له إن الشارع غاضب لأنكم لم تفعلوا شيئا، فقال لى إن لهم أخطاء ولكن 30 يونيو هيعدى، وكنا فى بداية يونيو.
■ هل كنت تتوقع حجم النزول فى 30 يونيو؟
-نعم، كنت أتوقع نزول عدد كبير، ولكن ما حدث أن العدد كان مهولا، والإخوان «ماكانوش شايفين» الحجم جيدا، حتى وقت أن جاء وفد الاتحاد الأوروبى، وعقد لقاءات عديدة معى ومع الدكتور محمد البرادعى، نائب رئيس الجمهورية المستقيل، والحكومة، كان واضحا أنهم يريدون تهدئة الأوضاع، وكان الحكم وقتها ليس له مانع ولكن بشروطه، وكنا نرى أن الوزارة غير كفء والبلد كان بيغرق، الظروف كانت صعبة جدا، والبلد كان لابد أن نسنده ونقوم به.
■ ما تصورك للمشهد إذا لم يتدخل السيسى فى 3 يوليو؟
- كان مع الأسف يمكن أن نصل إلى حرب أهلية، ومرسى استخدم لفظ «الحرب الأهلية» فى خطابه الأخير، فإذا لم يتدخل الجيش كنا سنصل لها، وكان عدد الضحايا سيصبح بالآلاف.
■ بعد مرور 6 أشهر على سقوط الإخوان، الهدوء النسبى فى الشارع يعود إلى عمل الحكومة أم إلى انتظار ما سيكون أفضل؟
- يعود إلى عدد من الأمور، منها أن هناك عددا من الحكومة يعمل بشكل جيد، والأمر الثانى أن الشعب نفسه تعب فلا يمكن أن ينزل كل شوية، فقد انتهت فكرة عمل المليونيات، وهناك بقايا لمظاهرات الإخوان، ولكن هناك أيضا حركات فى الوضع العام للأفضل، منها الانتهاء من الدستور والدعوة إلى الاستفتاء.
■ وما تقييمك لحكومة الدكتور حازم الببلاوى؟
-أرى أنها حكومة انتقالية، وهو ما يمنعها من اتخاذ خطوات استراتيجية، وهناك عدد كبير من الوزراء يعملون بشكل جيد.
■ كيف ترى ما يحدث فى جامعات مصر؟
- أرى أنه إعاقة كبيرة جدا ويضر بأمن الناس وأمان التعليم، وهذا أمر سيئ، ولكن يجب أن نؤكد أن معظم الجامعات تعمل، وما يقال فى الإعلام به زيادة بعض الشىء، فالكل يعمل ولكن الكل مهدد.
■ هل للإخوان القدرة على الحشد والاختراق الحاصل فى الجامعات خاصة جامعة الأزهر؟
- يبدو أنهم مخترقون لجامعة الأزهر، ولكن هذا لا يمنع أن نقول إن للإخوان أنصارهم، والمهم أن يكون هؤلاء الأنصار جزءا من المجتمع المصرى، وحكاية حلمهم بعودة مرسى يجب أن يعلموا أنها لن تحدث وانتهت، والشعب نفسه تجاوزها، ويجب أن يعيدوا بناء موقفهم، فإن كونهم معارضين لا يسمح أبدا بأن يتبعوا العنف لأن العنف لن يولد ألا عنفا.
■ هل تؤيد الرأى المطالب باعتبار الإخوان جماعة إرهابية؟
- هناك إرهابيون ولكن مثل هذه الدعوات يجب عندما ندعو لها أن يكون لدينا تجاهها من الدلائل ما يقطع أى شىء آخر، فهل كل الإخوان إرهابيين أم هناك استثناءات، فهل هناك تيار إرهابى؟.. نعم هناك تيار إرهابى، والعنف عندما يتصاعد يكون إرهاباً.
■ لماذا لم توضع مادة انتقالية فى الدستور تنص على عزل قيادات الإخوان، كما كان الوضع فى دستور 2012؟
- هذا هو الفرق بين الدستورين، ففى 2012 عزلوا أعضاء الحزب الوطنى المنحل، أما فى 2013 فلم نعزل أحدا، والدستور لكل المواطنين بلا استثناء ولا عزل أو إقصاء، وهذه أحد الأشياء الجيدة فى هذا الدستور.
■ هل لديك مخاوف من مرحلة انتقالية ثالثة؟
- قطعاً لا نحتاجها وإنما نحتاج إلى استقرار، وأنا ضميرى مرتاح من هذا الدستور.
■ ما رأيك فى حملات المطالبة بالتصويت بـ«لا» على الدستور؟
- أعتقد أن قراءة الدستور وعدم الاستماع لحملات التشوية ستؤدى إلى أن الكثيرين سيجمعون رأيهم على التصويت لصالح الدستور.
■ وإذا قال الشعب «لا»؟
- سنعود للإعلانات الدستورية وتؤجل الاستحقاقات التالية والضرر الأكبر سيصيب مصر لأن هذا معناه تشكيل لجنة أخرى لوضع الدستور، وهو ما تريده جماعات بعينها تريد الانتقام.
■ هل ترى أن هناك نوعاً من التهاون مع جماعة الإخوان من الدولة ما قد يؤدى إلى العودة للوراء؟
- أنا أرى أن الإخوان يجب أن يقتصر دورها على الدعوة، وحزب الحرية والعدالة إذا أراد أن يستمر فيجب أن يستمر كحزب سياسى ليس قائماً على قاعدة دينية، وهؤلاء الذين يستخدمون العنف يجب الوقوف أمامهم بحزم وقوة، فلا يمكن أو يصح لأى دولة تحترم نفسها أو أى مجتمع يريد تأمين نفسه أن يترك للعنف وممارسيه والإرهابيين الحبل على الغارب، ولابد من موقف قوى، ويجب على الإخوان مراجعة أنفسهم، إذا أرادوا أن يبقوا فى الساحة السياسية، والدستور باب لدخولهم الساحة لأنه لم يقص أحداً.
■ كيف ترى مطالبات البعض بعمل مصالحة مع الإخوان؟
- حدثنى الكثيرون من الزوار الأجانب عن المصالحة، وكنت أقول لهم إذا كنت تتحدث عن مصالحة لا يجب أن نركز فقط على الحكومة، فيجب أن نسأل الإخوان أنفسهم هل هم جاهزون للمصالحة أم لا، فهم غير جاهزين، فإذا كنت قادراً على إقناعهم افعل ذلك، وإذا كان يمكن أن تتدخل فلتسارع، فالمصالحة ليست فى يد الحكومة فقط، ودعنى أسألك: هل ما يحدث فى الجامعات ينبئ عن استعداد لمصالحة؟!
■ هل هناك تحركات من جانبك فى اتجاه المصالحة؟
- لا.. والموضوع فى اعتقادى أنه متروك للإخوان أنفسهم، وليس الحكومة، فالقرار فى أيديهم.
■ هل ترى أن جموع الشعب والرأى العام يرغب فى المصالحة؟
- الشعب غاضب من الإخوان وهذا بسبب ما تفعله الجماعة سواء ضد القوات المسلحة أو الشرطة والجامعة، فإذا قبل البعض أفعال الإخوان الآن فإنهم لن يقبلوها غداً، ولذلك فإن الجماعة تجعل الشعب كله ضدها بهذه الطريقة.
■ كيف ترى التقارب المصرى الروسى؟
- هذا شىء طبيعى، وهذا لن يكون على حساب أو يحل محل العلاقات المصرية الأمريكية، وإنما هذا التقارب يجعل للروس دورا مهما، فالعمل السياسى مثل «الكيك» وبالتقارب المصرى الروسى تعطى مصر جزءاً من الكيك السياسى لروسيا، وهذا يسمى فى العمل السياسى لغة المصالح.
■ البعض كان يرى أن وجود الإخوان كان كفيلاً ببيع تسوية إسرائيلية للقضية الفلسطينية للرأى العام العربى؟
- غير صحيح، فالإخوان لا تستطيع بل لا تجرؤ على فعل ذلك، وهل كان من المتوقع أن يلتزم الفلسطينيون بالصمت؟!
■ ما هو تأثير ثورات الربيع العربى على القضية الفلسطينية؟
- أذكر سيدة كبيرة فى السن قابلتها فى الصعيد وقت حملتى الرئاسية، وأخذت تتحدث معى عن أولادها الذين لم يحصلوا على وظائف أو من لا يجد علاجاً، فضلاً عن الكثير من المشاكل فى حياتها، وعند انصرافى حيث كنا نجلس على الأرض أمسكت فى «الجاكت» وقالت لى «قولى يا سى عمرو بيه، إنتوا هتعملوا إيه فى القدس».. صدقنى مصر لا يمكن أن تدير ظهرها لهذا الحديث، ولذلك حتى يتغير الشرق الأوسط يجب أن نحل أولاً القضية الفلسطينية، كما يجب حل المشكلة النووية الشرق أوسطية.
■ وسوريا؟
- وضعها مقلق جداً لأنها فى منطقة غنية بالاضطرابات والأقليات أو التجمعات العرقية المختلفة والدينية المختلفة، وهناك دول كبرى ودول أجنبية تتنافس، وهناك حركة التغيير العربية الموجودة فى كل المناطق، وبالتالى فإن الوضع فى سوريا كارثى.
■ وكيف تأثر الأمن القومى المصرى بما جرى فى سوريا؟
- تأثر كثيرا لأن ما يحدث فى سوريا سيؤدى إلى إعادة ترتيب الأوضاع فى المنطقة وهذا يمكن أن يتم فى غياب مصر، وهذه ستكون كارثة إضافية لمصر والشرق الأوسط، فالعالم العربى لن يقبل بإيران كقائدة وإنما صديقة أو حليفة، ولكن أن تكون قائدة فهذا مستحيل، فالقيادة منعقدة لمصر، ومن ثم المكان شاغر، وهذا يجب أن ينتهى، ومنذ شهرين شكلنا مجموعة من الأصدقاء من المسؤولين العرب السابقين، ومنهم الدكتور إياد علاوى، رئيس وزراء العراق السابق، وفؤاد سنيورة، رئيس وزراء لبنان السابق، ورئيس وزراء الأردن السابق، وأنا، وذهبنا للقاء رجب طيب أردوجان، رئيس وزراء تركيا، فى شهر رمضان الماضى، وكان الهدف من الزيارة، هو ضرورة أن يعيد النظر فى سياسته تجاه مصر، وعندما دخلنا للقائه بدأ علاوى قائلاً: «رغم وجود عمرو موسى وهو من يتحدث عن مصر، إلا أننى أقول لك إننى أنا من سيتحدث عن مصر، وأقول لك إن سياستك مع مصر غير مقبوله منا كعرب ونحن لنا قائد واحد وهو مصر، ويهمنا مصيرها».
■ وماذا كان رد فعل أردوجان؟
- توجه لى بالكلام وقال إنتوا غلطتوا، قلت له إننا لم نخطئ وإنه أنت المخطئ لأنك بنيت علاقتك وكأنها علاقة مع حزب أو جماعة وليس دولة، والنجاح أن تبنى العلاقة بين الدول بحيث تكون بين مصر وتركيا وليس حزب العدالة والتنمية وحزب الحرية والعدالة، فانفعل قائلا: «أنتم اعتديتم على الشرعية».
■ الموقف القطرى تغير من تحالف مع نظام الإخوان إلى عداء مع الشعب المصرى، فما الحل من وجهة نظرك؟
- ما يحدث هو معلوم لدى الولايات المتحدة ولكنه ليس مدفوعاً، ولكن العلاقة ذهبت إلى أبعد مما يجب ومن الضرورى أن تراجع قطر نفسها كدولة شقيقة، ولا داعى للإبقاء على أى عداء مستمر بين أى دولة عربية ومصر الآن.
شاهد فيديو «حوار عمرو موسى» على الرابط التالى:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]