دعمه21 مليار جنيه وتكلفته34 قرشا
رغـيف العـيش أبـو المشـاكل
مشكلة الرغيف.. أزمة مزمنة تتداخل فيها عوامل كثيرة من سوء لإدارة التوزيع وسوء الضمير أيضا, فالرغيف يكلف الدولة34 قرشا وتطرحه بسعر5 قروش.
وحسب قول وزير التموين فإنه العيش قضية أمن قومي لارتفاع نسبة الفقراء, لذلك فإن الدولة تدعمه بنحو21 مليار جنيه, في الوقت الذي أكدت فيه الدراسات ومفتشو التموين ان40% من الخبز تذهب مباشرة الي معالف الماشية والدواجن لأن سعرها يصل الي خمس ثمن العلف حيث تنتج مخابز مصر260 مليون رغيف يوميا.
اللواء خالد حسني رئيس جمعية أبناء6 اكتوبر يكشف أحد أهم أسباب مشكلة الرغيف وفوضي تسويقه, بأن وزارة التموين متعاقدة مع شركة المصريين لتوزيع الخبز دون غيرها لتحتكر كل شيء عنه من بيع وتوزيع وهي تتبع القطاع الخاص, وهذه الشركة تمنع أي جمعية من أداء دورها الخدمي للمواطن باستلام الخبز لتغطية منطقة تتبعها وبينما تقوم هذه الشركة ببيعه تحت مسميات كثيرة إما لباعة الشارع الذين يبيعونه بسعر25 قرشا أو تتحكم في مناطق توزيعه, لذلك فإنها توزع الخبز الجيد للبيع في السوق وتترك السيء لمن يقفون في الطوابير طوال النهار, في الوقت الذي تحصل فيه سيارات كبيرة علي كميات ضخمة من الخبز لتتجه به لمعالف الحيوانات بالريف وضواحي المدينة والتي تستهلك نصف احتياجات المواطنين حسب توزيع المخابز, أما رغيف المواطن الغلبان فإننا نراهم ــ الكلام للواء خالد ــ يدوسونه بأقدامهم ويلقونه علي الأرض في التراب حتي يبرد, ومن يري هذه الوقائع يتجه فورا لشراء الرغيف السياحي والمدعوم بطرق معينة مع تلاعب المخابز ذلك برغم أن الشركة تكسب نظير التوزيع8 مليمات للرغيف الواحد مع هذه الكميات الضخمة.
أكشاك الخبز
وأشار اللواء خالد حسني إلي ان جمعية أبناء6 اكتوبر ابتدعت وسيلة لحل تلك المشكلة بإقامة أكشاك لتوفير وتوصيل الخبز إلي منازل المواطنين باشتراك شهري بمبلغ25 جنيها لمعدل10 أرغفة يوميا في كيس وتنظيم جيد لعيش آدمي بعد تهويته حتي لا يكون مشوها أو علي شكل عجينة, إلا أن الشركة المصرية تصر علي مضايقتنا وعزلنا وتتعمد أن نأخذ العيش في وقت متأخر من اليوم مع أن السكان يحتاجونه في الصباح الباكر قبل مواعيد العمل والمدارس برغم أن لدينا تصريحا من الوزارة.
وتري سامية حسين بائعة خبز بالهرم أن مشكلة الخبز الحقيقية في عدم وجود منافذ كافية لبيعه فنجد طوابير طويلة غالبا من السيدات وكبار السن أمام منفذ وحيد بكل حي تقريبا مع أعداد كبيرة من السكان, كما أن الخبز لا يصلح للأكل غالبا فالعامل غير مهتم, لأنه خبز الغلابة وثمنه5 قروش, وإذا كانت هناك أرغفة غير صالحة فإن المواطن لن يشتريها ونحن لا نرجعها بالطبع ويأخذها بعض مربي الطيور بنصف الثمن, لذلك فإن بيع الرغيف بـ20 قرشا أو حتي ربع جنيه ليس كثيرا في مقابل اننا نوفر الخبز من الصباح الباكر وحتي العاشرة مساء في الوقت الذي تغلق فيه الأفران أو المخابز ويكفينا الجلوس طوال النهار في الشمس صيفا ومع البرد والأمطار شتاء ومكسبنا ليس مجزيا كما يعتقد البعض.
حصار المخابز
أما محمد المتولي صاحب مخبز بالهرم فيؤكد أن المشكلات تحاصر المخابز أولا بسبب تحرير سعر الدقيق ودور المطاحن في استغلال المخبز لذلك فالمفترض انه يتم غسيل القمح3 مرات ويجفف قبل الطحن إلا أن هذه المطاحن تخالف هذه المواصفات الأساسية وتقوم بالطحن فور الغسل الأول فقط بكل ما فيه من مخلفات وسوس وتوزع علينا الدقيق في أجولة عبوات50 كيلو وفيه الرطوبة العالية التي تصل الي6 كيلو مياه تجف بعد وقت ونتحمل هذا المبلغ في الثمن فبعض أصحاب المخابز يعوضون المبالغ بالبيع في السوق السوداء أو إضافة نسبة عالية من الملح أو حتي الرمال لتعويض خسارتهم في الأوزان لأنه لن يسأل فيهم أحد. وقال إن كيلو الدقيق يعطي10أرغفة بما فيها من ماء أو رطوبة. ولو كانت المخابز ميزة لدخلت الدولة مجالها بقوة لذلك فإنه لا يوجد سوي4% فقط من مخابز القطاع العام أو الأعمال, ولأنها عملية خاسرة فإن الحكومة ترفع يدها عنها, وأسهل شيء عند لجنة التموين إغلاق المخبز دون مراعاة لأي ظروف قاسية يتعرض لها المخبز وصاحبه فهم يحددون أسعار السولار والطاقة والعمال بأرقام غير معقولة وأقلها العمال, فالعامل تقرر له حسب الحكومة يومية6 جنيهات وبينما الواقع انه لا يأخذ أقل من30 جنيها في اليوم وحسب مستواه وصحته في التحمل من العمل قبل الفجر5 ساعات وتحمل الفرن والحرارة مما يصيبه بعد ذلك بأمراض كثيرة كما أن هناك نسبة هالك من العيش والدقيق في عمليات التصنيع والنقل والتحمير وغيرها وهذا لا تلتفت له الوزارة, إن أول شيء يركزون عليه هو وزن الرغيف والذي يتعرض أحيانا للنقص في وسط ازدحام العمل وهو بالحد الأدني120 جراما ويفترض انه130 جراما فإذا قل عن ذلك تكون هناك غرامات وقضايا, لذلك فإن صاحب المخبز في محل اتهام دائما بأنه يبيع الدقيق للحلوانية وبالسوق الحرة والسوداء.
اتحاد المفتشين
أما السيد العربي أبو طالب رئيس الاتحاد العام لمفتشي التموين والتجارة الداخلية فيؤكد ان مشكلة الخبز المزمنة ترتبط بالاداء أولا ثم منظومة الرقابة, فهناك نحو6 آلاف مخبز بلدي تصعب السيطرة علي أصحابها ورقابتهم تتسلم الدقيق إضافة لنفس العدد تقريبا لمخابز الخبز الطباقي, فيتم تسليم القمح والدقيق بطريقة مقننة دون اعتبارات للرقابة الحقيقية ومع كل السلبيات التي تبدأ من وزن الرغيف والسماح فيه بـ10 جرامات بين الزيادة والنقصان في ظروف نستورد فيها أكثر من80% من القمح الذي نحتاجه فإن صاحب المخبز لديه جهاز حساس يلزمه ولابد بالميزان الصحيح, فإذا كانت هناك كمية سماح الـ10 جرامات يمكن توفيرها في توريد الدقيق بالتالي يمكن ان توفر مبدئيا نحو25 مليون رغيف علي الأقل, مع فتح نحو6 الاف مخبز جديد لا يكلف الدولة أي شيء ويستوعب نحو25 ألفا من القوي العاملة والشباب وهذه الفكرة تقدمنا بها للوزارة علي مدي الوزراء الثلاثة السابقين والحالي.
وأضاف أنه من المفترض أن يكون وزن10 أرغفة1350 جراما, أو650 جراما لكل5 أرغفة فالقانون يسمح بمائة جرام نقصا في4 أنواع من الخبز وهي: الخبز الطباقي والرغيف وزنه80 جراما, بعشرة قروش, ونفس النوعية150 جراما بعشرين قرشا, وهنا البلدي المعتاد130 جراما مع ردة بثمن5 قروش ويكون من منتج المخابز الالية وكل منها مسموح بخفض10 جرامات ولو اننا وفرنا هذه الجرامات من كل كيلو ستوفر كثيرا من الدقيق وتسمح بإقامة مخابز جديدة دون أن تدفع الدولة أي شيء وهذا سيقلل الضغط علي المخابز الحالية ويقلل فرص التلاعب والسرقات في الدقيق ووزن الرغيف وربما يساعد علي تجويد الرغيف وسط المنافسة والثواب والعقاب وفتح أرزاق ناس جدد ويمكن ان أطورها الي طرح عيش محمص أو أبيض بسعر20 قرشا لتغطية احتياجات فئة تطلبه.
علف الماشية
وأضاف أن المشكلة الأساسية الأخري في رغيف الخبز هي أنه يستخدم علفا للماشية والدواجن لأن الطن منه يكون بـ500 جنيه حسب السوق التجاري بينما سعر العلف يتعدي2500 جنيه, ولو أن أي مرب للماشية اعتمد علي العلف لصار ثمن كيلو اللحم أكثر من400 جنيه ولأن هناك منافسة فإنه يطرح اللحوم بسبعين جنيها أقل فقط, كما أن العادات والتقاليد لدي البعض بالقري والمدن أيضا في انهم يستخدمون الخبز طعاما للدواجن المنزلية أو المزارع ويشجع علي ذلك أيضا سوء صناعة الرغيف, فالشيكارة من بواقي الخبز يصل ثمنها الي150 جنيها فقط, فضلا عن تكاليف التربية, لذلك فإن هناك بعض الناس يبيع العيش الناشف المخصص للأكل بسعر500 جنيه للطن.
المواصفات الفنية
وقال ان كثيرا من الناس لا يدركون ان دور مفتشي التموين ينحصر فقط في مواصفات الرغيف بحيث لا يقل قطره عن18 ـ20 سنتيمترا مع صلاحية الخميرة وان يكون مقبول الطعم والرائحة, ولكن لأن عدد المخابز يساوي3 أضعاف عدد اللجان فإن مراقبتها شبه مستحيلة لأن من اختصاصها أيضا متابعة مستودعات البوتاجاز التي تتعدي10 آلاف مستودع, و20 ألف محل تجاري ونصف مليون مقهي, و2 مليون سوق مرخصة و12 مليونا غير مرخصة إضافة للباعة الجائلين وهم بالملايين في الوقت الذي لا تملك وزارة التموين توفير أكثر من2500 لجنة كل منها من3 أفراد وبلا حماية أو ربما مطلوب منهم الدخول في معارك مع هذه الأعداد الضخمة التي أصبحت المخالفة عملا أساسيا من أعمالهم.
ويقترح العربي أبو طالب إضافة توزيع الخبز لبطاقة التموين حتي يمكن السيطرة عليها, لأن هناك الكثيرين من لايستحقونها وتصرف لآخرين بأسمائهم ومنهم المجندون بالقوات المسلحة والشرطة ونزلاء المستشفيات بالأمراض المزمنة والعقلية, ونحو5 ملايين متوفي لم ينزلوا من البطاقات ونحو8 ملايين مسافر دائم أو مؤقت وأصحاب الابراج السكنية ممن بلغت مكاسبهم المليارات من الجنيهات وكذلك أصحاب المصانع والشركات التجارية والصناعية ويبلغون5 ملايين أيضا وغيرهم في الوقت الذي يصرف فيه التموين لأكثر من70 مليونا من المصريين, فإذا خصمنا عدد الأطفال دون الخامسة وهم نحو13 مليون طفل نجد ان من يستحقون التموين لا يزيدون علي17 مليون أسرة حسب دراسة حديثة وان معني ذلك لو ان هناك متابعة دقيقة للمستحقين نجد أن الدعم يصل أولا للتجار أو لغير المستحقين.
نقلنا المشكلة للمهندس محمود عبد العزيز رئيس قطاع الرقابة والتوزيع بوزارة التموين الذي بادرنا باستنكار بيع الخبز في الشوارع فقلنا له إنه في كل الانحاء ولا يعقل انه لا يعرف ذلك, فاكتفي بالتعليق بأن الوزارة ستقوم بدراسة لمشكلات الرغيف ومدي توفيره بالسوق بعيدا عن استغلال الوسطاء, ولا ندري هل هذا الواقع الذي يراه الجميع يحتاج لدراسة أم لحل مباشر؟!