رئيس هيئة الطاقة المتجددة :
الشمس المصرية الخيار الوحيد لإنارة أوروبا
نستهدف إنتاج 8800 ميجا من طاقتي الشمس والرياح
الطاقة النووية مكملة والرياح أقل سعرا والفحم خارج المنافسة
الطاقة المتجددة هل تنقذ مصر من أزمات الطاقة في المستقبل القريب وهل ستكون مصر ثقلا عالميا لإنتاج هذه الطاقات وتصديرها للعالم بما تمتلكه من إمكانات لسرعات الرياح وصحاري شاسعة وسطوع شمسي متواصل علي مدار العام يمكننا من إنتاج مئات الآلاف من الميجاواتات لا يمكن إنتاجها بالطاقة التقليدية أو الذرية.. أم أن هذه الطاقات لم تثبت بعد جدارتها ومازال الفشل يحيط بمشروعاتها التي لا تساهم إلا بجزء قليل من احتياجات شعوب العالم من الطاقة؟
"الجمهورية" حاورت المهندس شعبان خلف الرئيس التنفيذي لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة للإجابة عن هذه الأسئلة وتوضيح إمكانيات مصر وبرامجها لاستغلال الطاقات المتجددة المتاح لديها وما تم إنجازه في هذا المجال خاصة وأن خطط قطاع الكهرباء تستهدف توفير 20% من متطلبات الاستهلاك من الطاقة المتجددة خلال 7 سنوات.
في البداية يؤكد المهندس شعبان خلف أن أوروبا لن يكون أمامها بديلا في المستقبل البعيد إلا شمس مصر والدول العربية جنوب المتوسط خاصة مع تناقص احتياطيات "الوقود الاحفوري" واقتراب نفادها وإن ذلك له العديد من الحسابات ووضعت له الخطط الأوروبية والتي يأتي علي رأسها مبادرة "ديزرتك" المخصص لها استثمارات تصل إلي 500 مليار دولار لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في أفريقيا وإعادة تصديرها للدول الأوروبية مؤكدا علي أن مصر لديها خطة قومية في هذا الشأن تهدف لإنتاج 7300 ميجا من الرياح و3500 ميجا شمس وأن العام القادم سوف يشهد باكورة تشغيل هذه المشروعات بمزرعة رياح بطاقة 200 ميجا.
"الجمهورية": إنتاج الكهرباء من طاقتي الشمس والرياح ينمو ببطء شديد جدا حيث إن مصر خلال عشرين عاما لم تنتج إلا 550 ميجاوات من الرياح وأقل من 25 ميجا من الشمس؟
المهندس شعبان خلف: مشروعات الطاقة المتجددة في مصر خلال السنوات الماضية كانت مشروعات معظمها تجريبية تقام بمنح وتيسيرات من الدول المتقدمة ولم يكن لهذه المشروعات استثمارات من الدول تغطي تكاليف الإنشاء والتشغيل فكانت هذه المشروعات صغيرة وتقام علي فترات إلي أن تم وضع استراتيجية للطاقة المتجددة وإعداد مخطط شامل للطاقة المتجددة في مصر حتي 2050 تتضمن المرحلة الأولي له التوسع في استغلال طاقتي الرياح والشمس باعتبارهما ذات جدوي فنية واقتصادية.. والمرحلة الثانية تشمل باقي مصادر الطاقة المتجددة خاصة الكتلة الحيوية - الوقود الحيوي - طاقة حرارة باطن الأرض وغيرها.
أكد خلف أن مصر دخلت مرحلة إنشاء المشروعات الكبري للطاقة المتجددة خاصة مع تطور تكنولوجيات هذه الطاقة وأصبح إنتاج تربية الرياح أضعاف ما كان ليتم الآن تنفيذ مشروعات ومزارع رياح بطاقة تبلغ 250 ميجاوات بدلا من 10 ميجاوات وإقامة محطات شمسية بطاقة 200 ميجا هي الأخري وذلك تطور كبير في هذا المجال كما شهدت الفترة الأخيرة زيادة اهتمام الدولة بهذه المشروعات لتصل موازنة الهيئة التي اعتمدتها الجمعية العمومية للعام المالي الحالي استثمارات بلغت 6 مليارات و776 مليون جنيه لإنشاء عدد من مزارع الرياح و3 محطات شمسية وغيرها من مشروعات.
"الجمهورية": هل تأخرت مصر كثيرا في برامج استغلال الطاقات المتجددة وامتلاك التكنولوجيا الخاصة بها؟
المهندس شعبان خلف: مصر كانت من أوائل دول العالم اهتماما بالطاقات المتجددة خاصة مشروعات الرياح التي أجريت لها دراسات متكاملة مكنت من إعداد أطلس متكامل لأمكان تواجدها وسرعاتها يغطي جميع أنحاء الجمهورية وتمتلك مصر كافة المكونات لاستغلال هذه الطاقة ولتطوير تكنولوجياتها وتصنيع مكونات مزارعها بعد أن بلغت إجمالي قدرات التوليد الحالية من هذه الطاقة أكثر من 550 ميجاوات أنتجت حتي منتصف عام 2012 حوالي 8.6 مليار كيلووات ساعة. ووفرت كمية من الوقود بلغت حوالي 1.8 مليون طن بترول مكافئ وسيتم خلال شهور تشغيل أول مزرعة عملاقة لإنتاج الكهرباء بطاقة 200 ميجاوات بمنطقة جبل الزيت كابكورة المشروعات الكبري لاستغلال هذه الطاقة.
أسعار منافسة للطاقة التقليدية
"الجمهورية": مشروعات الطاقة المتجددة لم تثبت نجاحها اقتصاديا وفنيا حتي الآن وهناك اتهامات لها بعدم الجدوي؟
شعبان: مشروعات الطاقة التي نفذت في مصر لإنتاج الكهرباء من مزارع الرياح تعمل بصورة جيدة وتساهم في تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد علي الوقود البترولي ولا يمكن أن يقال عليها غير اقتصادية خاصة بعد أن وصل سعر تكاليف إنتاج الكيلووات من الرياح إلي 40 قرشا فقط مقارنة بتكاليف إنتاج الكيلووات من المازوت والتي بلغ 55 قرشا لتصبح طاقة الرياح منافسة بقوة للطاقة التقليدية وقد بلغ متوسط تكاليف إنتاج الكيلووات من الطاقة الشمسية 70 قرشا وستمكن التكنولوجيات الحديثة من خفض هذه التكاليف قريبا.
عجز لا خسائر
"الجمهورية": وما سبب خسائر الهيئة في إنتاج الكهرباء إن كانت الأسعار تنافسية؟
المهندس شعبان: عندنا عجز لا خسائر خاصة وأن الهيئة تبيع الكيلووات من طاقة الرياح للشبكة القومية بسعر 15.6 قرش للكيلووات ساعة وهو سعر يمثل ثلث تكاليف الإنتاج في حين أن الدولة تدعم الوقود والطاقات التقليدية ولا تقدم الدعم المماثل للطاقة المتجددة مشيرا إلي أن الهيئة تستفيد من المنح والقروض الميسرة وبيع شهادات الكربون لتعويض هذا العجز.
"الجمهورية": إن كان الوضع جيدا فلماذا لا نشهد منافسة محلية وعالمية لإنتاج الطاقة من الشمس والرياح؟
شعبان: المشكلة تكمن في غياب وجود أسواق واضحة للطاقة المتجددة والدعم الذي تقدمه الدولة للطاقات التقليدية وهذا الوضع غير مشجع للاستثمار المحلي والعالمي في الطاقات المتجددة ولابد من وجود رؤية جديدة تقوم علي أسس تشجيع المستثمرين وشراء إنتاج مشروعات طاقتي الشمس والرياح وفقا لرؤية اقتصادية مؤكدا علي أن القطاع الخاص جاهز للعمل شرط أن يجد من يشتري إنتاجه من الكهرباء بالإضافة إلي ذلك فإن هيئة الطاقة المتجددة بدأت العمل باستراتيجيتها التي تهدف لتوفير جزء كبير من متطلبات الاستهلاك عن طريق طاقتي الشمس والرياح.
مشيرا للانتهاء من إعداد أول خطة شمسية مصرية حتي عام 2027 وتهدف لإضافة قدرات توليد من الطاقة الشمسية تصل إلي حوالي 3500 ميجاوات تنتج حوالي 14 مليار كيلووات ساعة سنويا تسهم في توفير حوالي 3 ملايين طن بترول مكافئ والحد من انبعاث حوالي 7.7 مليون طن ثاني أكسيد الكربون وذلك نظرا للثراء الذي تتمتع به مصر حيث تقع في الحزام الشمسي ويتوافر بها ساعات من سطوع الشمس مرتفعة والاستفادة من الطاقة الشمسية لها العديد من الإيجابيات من حيث التحسين البيئي وخفض غازات الاحتباس الحراري والتغلب علي نضوب الموارد الطبيعية للإنتاج التقليدي للطاقة.
قال إن أحد أهم محاور تلك الخطة يتمثل في العمل علي استثمار وتعميق الخبرة الوطنية في مجال الطاقة الشمسية. وتطوير الصناعة المحلية لمعداتها بما يسهم في إحداث تنمية اقتصادية بما يساهم في توفير فرص عمل في عمليات التصنيع والتشغيل والصيانة والتسويق وخلق مجتمعات عمرانية جديدة بالإضافة إلي تقليل انبعاثات الغازات الضارة الملوثة للبيئة.
"الجمهورية": الدولة قدمت العديد من الحوافز لتشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة ألم يكن لها مردود؟
شعبان: الحوافز لا تضمن للمستثمر استرجاع أمواله وهي جيدة لكن تبقي العقبة في أسعار الكهرباء وطرق بيعها فالدولة قدمت تيسيرات في الأراضي بنظام حق الانتفاع وبمقابل 2% من الطاقة المنتجة وتيسيرات في نقل الطاقة والجمارك والضرائب لكن لا يستطيع المستثمر المنافسة لأسعار الطاقة التقليدية المدعمة من الدولة وعليه إيجاد من يشتري منه الكهرباء المنتجة مؤكدا أنه لن تكون هناك خطوات جيدة إلا بعد تحقيق سعر عادل للطاقة.
شمس مصر تكفيها وللتصدير
"الجمهورية": هل يمكن أن يأتي يوم نعتمد فيه علي الطاقة الشمسية تماما؟
المهندس شعبان: إمكانات مصر من الطاقة الشمسية تكفي متطلبات استهلاكها تماما ولديها فائضا كبيرا للتصدير نظرا لوجود مساحات شاسعة من الصحاري والأراضي البكر التي لا يمكن استغلالها لأغراض أخري خلال ال 30 عاما القادمة وهي مؤهلة لمشروعات الطاقة الشمسية وقد بدأنا تنفيذ هذه الاستراتيجية من خلال البدء في تنفيذ مشروعات بطاقة 3500 ميجاوات تتضمن محطة كوم امبو كخطة لتوطين التكنولوجيات وتم تدبير استثمارات المحطة التي تبلغ 3440 مليون جنيه وهي قيمة التمويلات التي نجح قطاع الكهرباء في الحصول علي الموافقات العالمية والعربية لتدبيرها لتنفيذ المشروعات بطاقة 100 ميجاوات. وهي إحدي مشروعات الخطة الخمسية حتي 2017 التي تهدف للوصول بقدرات التوليد من الطاقة الشمسية إلي 280 ميجاوات ويتم تشغيلها عام .2015
ويساهم في التمويل صندوق التكنولوجيا النظيفة. البنك الدولي. بنك التنمية الأفريقي بنك الاستثمار الأوروبي والوكالة الفرنسية للتنمية بالتعاون مع بنك التعمير الألماني وأنه تم التعاقد مع استشاري لتنفيذ دراسة الجدوي مشيرا إلي أنه من المقرر تنفيذ محطة خلايا شمسية بالغردقة بقدرة إجمالي 20 ميجاوات كما تساهم اليابان في إنشاء محطة بالخلايا الفوتوفولطية قدرة 20 ميجاوات بكوم امبو وجاري اختيار الشركة التي ستقوم بإنشاء أول محطة قطاع خاص بكوم امبو بطاقة 200 ميجاوات لبدء إجراءات التنفيذ.
18.6 مليار استثمارات
"الجمهورية": تتحدث عن 3500 ميجاوات من الطاقة الشمسية حتي 2020 بمشاركة القطاع الخاص أليس هذا برنامجا متواضعا في ظل الإمكانات المصرية لهذه الطاقة وبرامج استغلالها؟
المهندس شعبان: الخطة الشمسية مؤهلة للتطوير ومن المقرر أن تكون بالفعل أكبر من ذلك بكثير وفقا لأمور متعددة أهمها تطور تكنولوجياتها وخفض أسعار التكلفة ووجود عروض مميزة من القطاع الخاص مشيرا إلي أن الاستثمارات المطلوبة لمشروعات الطاقة المتجددة خلال المرحلة القادمة تبلغ 18 مليار و600 مليون جنيه وتهدف لإضافة قدرات تبلغ حوالي 11 ألف ميجاوات وأن 67% من مشروعات الرياح الجديدة من المقرر أن يتم تنفيذها عن طريق القطاع الخاص وأن أولي هذه المشروعات قد تم طرحها بطاقة 600 ميجاوات بنظام ibb الذي يتيح للمستثمر إقامة مزارع للرياح وإنتاج الكهرباء واستهلاكها أو بيع إنتاجها للمستهلكين مقابل توفير الدولة للأراضي بحق الانتفاع مقابل 2% من الطاقة المنتجة لمدة 20 سنة أو أكثر بالإضافة إلي رسوم نقل الطاقة عبر خطوط الكهرباء إلي مناطق الاستهلاك.
"الجمهورية": تحفظات البيئة علي إنشاء محطات إنتاج الكهرباء من الفحم.. كيف يكون انعكاسه علي مستقبل الطاقة المتجددة؟
شعبان: في كافة الحالات سواء أقيمت محطات الفحم أم لا فإنه لا بديل عن الطاقات المتجددة باعتبارها مستقبل الطاقة وهي الآن بؤرة اهتمام وتركيز العمل لتطوير تكنولوجياتها والتوسع في استغلالها مما سيجعلها في القريب طاقة منافسة في السعر والأفضل في الحفاظ علي البيئة من التلوث كما أن مصر لا تمتلك احتياطيات في الفحم أو مصادر له اقتصادية تجعلها تهتم بهذا الجانب علي غرار ما تمتلكه من إمكانات للطاقة المتجددة مشيرا إلي أن وزارة البيئة أبدت بعض التحفظات علي استخدام الفحم كأحد المصادر لإنتاج الكهرباء واستخدامه في تشغيل محطات التوليد مؤكدة بأنه لا يتناسب والتطور الذي وصل إليه قطاع الكهرباء في حفاظه علي البيئة وخططه المستقبلية حتي عام 2027 والتي تتضمن إضافة 60 ألف ميجاوات للشبكة القومية.
"الجمهورية": توجه مصر للطاقة النووية هل يؤثر علي مستقبل طاقتي الشمس والرياح؟
شعبان: كل الطاقات تتكامل لتكون خليط الطاقة الذي يجب أن يتنوع ويتضمن كافة المصادر فالطاقة النووية تضمن الاستقرار للشبكة لكن الطاقة المتجددة هي الأوسع والأسهل والأكثر انتشارا في المستقبل والدليل أن أوروبا أصبحت مهتمة الآن بتطوير التكنولوجيات المتعلقة بالطاقة المتجددة بشدة كما أنها تقدم منح وقروض ميسرة للدول النامية لتشجعيها في هذا المجال.
"الجمهورية": بعيدا عن طاقتي الشمس والرياح ما مستقبل مصر في الطاقات الأخري؟
شعبان: الدراسات العالمية أكدت وجود إمكانات مصرية كبيرة في طاقة باطن الأرض علي أعماق 3 آلاف متر والتي يمكن إقامة محطات عليها بقدرات تتراوح بين 10 إلي 15 ميجاوات وبدون أقصي من المحطات مشيرا إلي أن أهم المناطق التي تتوافر بها هذه الطاقة تكمن في خليج السويس والبحر الأحمر لكن كل ذلك مازال في طور الدراسات وتكاليف الإنتاج ومن الممكن أن يكون لهذه الطاقة مستقبل كبير في مصر.
أضاف أن طاقة الكتلة الحيوية وهي هائلة في مصر فإن الدراسات موجودة لكن السيطرة علي مصادرها صعبة ولا يمكن السيطرة عليها وقد تم تنفيذ عدد من المشروعات البحثية لتطوير نظام متكامل متنقل لقولبة المخلفات النباتية في الحقل لحطب القطن وقش الأرز بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمي ومشروع آخر لتصميم وإنتاج نظام لتفحيم الخشب.