إلغاء الشهادة الابتدائية... صح ولا غلط؟
المعلمون: أضاع هيبة التعليم الأساسي.. والخبراء: الطلاب سينتقلون إلي الإعدادية «جهلة»!
بات قرار إلغاء الشهادة الابتدائية وجعل الصف السادس الابتدائي مجرد سنة نقل عادية سؤالا تصعب الإجابة عنه، ولا يوجد له حتي إجابة نموذجية عند المهتمين بالتعليم في مصر سواء مسئولين أو معلمين أو حتي طلاب و أولياء أمورهم..ويتضح ذلك من ردود الأفعال المتباينة بين جميع المشاركين في العملية التعليمية بين مؤيد ومعارض بل حتي محايد لا يعرف الإجابة الصحيحة.. خاصة أنه صدر بصورة مفاجئة دون أي تمهيد أو مناقشات! «أخبار اليوم» وقفت علي أبواب أحد مدارس شارع فيصل بالهرم تحاول استطلاع آراء بعض المعلمين والطلاب وأولياء الأمور، لاحظنا ان الطلاب غير مبالين بالأمر، وهذا بطبيعة سنهم الصغيرة التي يندر معها تقييمهم لهذا الأمر، واقتصرت إجاباتهم علي فرحتهم لأنهم لن يستذكروا دروسهم كما السابق، ويكفيهم فقط النجاح
حالة من الجدل اثارها قرار الغاء الشهادة الابتدائية
يقول ماهر وحيد طالب بالصف الخامس الابتدائي وهو بالفعل ممن ينطبق عليهم القرار الجديد ويبدأ تنفيذه من العام الدراسي القادم، أنه لن يكون مضطرا لأخذ دروس في جميع المواد، وبالتالي سوف يستذكر عدد ساعات أقل.. ويقول حسين فتوح الطالب بالصف الخامس: «مش عارف ايه الصح ...أهو كده بنذاكر وكده برده هنذاكر».
وتؤكد ميرفت عبد الحليم »ولية أمر طالبة« ترحيبها بهذا القرار، لأنه سوف يخفف الضغط من علي كاهل الأسرة وخاصة فيما يتعلق بالدروس الخصوصية، لأن كلمة شهادة كانت تثير بعض القلق وتحاول الأسرة توفير كل السبل لتفوق ابنائها.. وتطالب بتشديد الرقابة علي المعلمين من مافيا الدروس الخصوصية وخاصة أنهم سيحاولون تعويض خسارتهم في سوق الدروس الخصوصية بالضغط علي التلاميذ من خلال درجات أعمال السنة لإجبارهم علي أخذ دروس عندهم.
واتفق معها في الرأي سمير زكي »ولي أمر تلميذ« الذي أيد القرار وبشدة وقال: لا أعرف جدوي اعتبار الصف السادس شهادة والصف الثالث أيضا شهادة ، بالرغم من أن التلميذ الذي سيحصل علي 50٪ في المجموع يتساوي مع الحاصل علي 100٪ ينتقلان معا إلي الصف الأول الإعدادي.
ضياع هيبة التعليم
ويقول دسوقي عبدالله مدرس لغة عربية بإدارة فيصل التعليمية: النتائج التي ستترتب علي قرار إلغاء المرحلة الابتدائية هو عدم الاهتمام بالامتحانات، واعتبارها عام نقل وليس شهادة نجاح أو رسوب، وسيخرج جيل من الجهلاء بالقراءة والكتابة.
وعندما واجهته بأن السبب الرئيسي لرفضه هذا القرار هو عدم مقدرته علي إعطاء دروس خصوصية من العام القادم.. قال: البعض يتوهم أن سوق الدروس الخصوصية متوهج مثله مثل الثانوية العامة، وهذا خطأ لأن مواد الصف السادس الابتدائي ليست بالصعبة ويمكن للأب أو الأم مراجعة الدروس وشرح المناهج لأولادهم..
واتفق معه في الرأي سامي عجلان »مدرس»، وقال: لا تنسوا ان نظام التعليم في مصر ضعيف وفقير جدا ونعاني من أمية لكثير من التلاميذ حتي المرحلة الإعدادية، وخصوصا في المحافظات الريفية التي ترتفع فيها نسبة الأمية بين الطلاب حتي مراحل متقدمة من التعليم. ووصف عادل معوض »معلم بإدارة المرج التعليمية« قرار الوزير بإلغاء امتحانات الشهادة الابتدائية وجعلها سنة نقل عادية بأنه خطوة فيها ضياع لهيبة التعليم الأساسي.. مشيرًا إلي أنه من دواعي إصلاح التعليم أن تكون السنة السادسة «مصفاة» لا يخرج منها إلا من يصلح للحلقة الثانية من التعليم الأساسي.
وأكد معوض أن الطالب والمعلم أصبح كل منها في طريق، ونتيجة لذلك نجد أن طلاب الصف السادس منهم اليوم من لا يستطيع أن يحدد مكان كتابة رقم جلوسه علي ورقة الامتحان، مشيرًا إلي أن 30٪ من الطلاب لا يجيدون الإملاء في اللغة.
عصر الكتاتيب
ومن جهتها أدانت نقابة المعلمين المستقلة قرار وزير التربية والتعليم بإلغاء الشهادة الابتدائية ، مؤكدة أن هذا الاقتراح ما هو إلا عودة لعصر الكتاتيب، غير أنها حصرت اعتراضها في عدم استشارة أي من الخبراء التربويين أو المعلمين قبل اتخاذ القرار.. ووصفت القرار بأنه غير جوهري، وكان بالأحري نزول الوزير إلي المدارس ورؤية حال التعليم علي طبيعته من ضعف رواتب المدرس، والمدارس ذات الكثافة العالية، والأبنية غير الآدمية.
قرار متخبط
ويؤكد كمال مغيث الخبير التربوي أن قرار وزارة التربية والتعليم بإلغاء الشهادة الابتدائية متخبط ومفاجئ, ووصفه بأنه نوع من»العبث الشعبي»..
وأشار إلي أننا لا نمتلك تعليما حقيقيا، وطلاب التعليم المتوسط يتخرجون ولا يعرفون كتابة اسمائهم، وبالتالي يترتب علي هذا القرار وصول التلاميذ إلي المرحلة الإعدادية وهم لا يعرفون القراءة أو الكتابة.
أما د. محمد زهران استاذ التربية، فيقول: حجة وزارة التربية والتعليم في إلغاء الشهادة الابتدائية في القضاء علي الدروس الخصوصية، وهي حجة واهية ، لأنها ستجعل الطلبة فريسة لبعض المعلمين من ناحية، وفي نفس الوقت سيُحدث صراعاً بين بعض المعلمين وأولياء الأمور.
في حين قال د.حسن شحاتة أستاذ المناهج بجامعة عين شمس: بالرغم من تفشي الأمية في المرحلة الابتدائية، إلا أن الشهادة الابتدائية كانت عبارة عن فلترة للمرحلة، وإن كانت نتائجها تصل إلي 40٪ قراءة وكتابة، أما الآن بعد إلغاء الشهادة الابتدائية فعلي الجميع السلام.
واعتبر د.حسن شاهين أستاذ المناهج وطرق التدريس القرار بمثابة توفير مالي فقط للوزارة ، خاصة الملايين التي يتم صرفها علي الكنترول الابتدائي وعلي طباعة الأسئلة والإجابة والملاحظة وجميع أعمال الامتحانات.
ومن جانبه يقول د. رضا مسعد السعيد وكيل الوزارة للتعليم العام: يجب أن نحول التعليم من امتحان يسعي الطالب إلي خوضه إلي مدرسة يجلس فيها ليتعلم.. وشهادة المرحلة الابتدائية نظام مبتدع، فلا يوجد نظام تعليمي في العالم فيه ما يسمي بالشهادة الابتدائية والنظام الموجود الآن في مصر نظام موروث من الأجيال الماضية، ويجب أن نلغي كل العادات والتقاليد التي لا نستفيد منها في إطار تطوير التعليم.
محاصرة الدروس
يؤكد د. إبراهيم غنيم وزير التربية والتعليم، بأن السبب في قرار إلغاء الشهادة الابتدائية، هو العودة لقانون التعليم المصري 139 لسنة 1981 والذي ينص في المادة 18 منه علي «شهادة التعليم الأساسي، ولا يوجد فيه ما يسمي بالشهادة الابتدائية».. وأكد الوزير أن التغيير المذكور يؤدي إلي محاصرة الدروس الخصوصية التي تفشت في الصف السادس، بوهم أنه شهادة منتهية، مما يؤدي إلي ترشيد الإنفاق بالنسبة للأسرة المصرية، كما يرشد قرار الإنفاق بالنسبة للوزارة، حيث تتكلف إجراءات هذا الصف -الكنترول والتصحيح وبدل الانتقال- ملايين الجنيهات التي ستوجه لموضع أهم وأولي.
وأضاف الوزير أن القرار يساهم في عودة الطالب إلي المدرسة ومعاجلة نسب الغياب المرتفعة، كما يؤدي إلي منع التسرب لأن البعض توهم أن الصف السادس شهادة منتهية، وبالتالي ترك التعليم واتجه مبكراً لسوق العمل.. ولفت الوزير إلي أن القرار من جانب آخر يعالج مشكلات المسمي الوظيفي لمعلمي هذه المرحلة، حتي لا يستشعر الزملاء في التعليم الابتدائي، أنهم أقل من زملائهم في التعليم الإعدادي بمعني أن المسمي الوظيفي يصبح معلم تعليم أساسي.