مطلوب «رجـــــل دولـــــة»
فى أجواء سياسية متباينة، ظهر مصطلح رجل الدولة الذى يعبر عن قوة الدولة وثباتها على جميع المستويات، وهو صاحب الرؤية السلمية القادرة على إدارة مقاليد الأمور بحنكة وإتقان .. تحقيقات «الأهرام» طرحت القضية على عدد من الخبراء الأمنيين ليجيبوا على السؤال .. من هو رجل الدولة ؟ وما هى مواصفاته ؟ الإجابة نرصدها فى السطور التالية ..
فى البداية يقول المستشار إسلام حسان بالنيابة الإدارية إن مفهوم رجل الدولة يتمثل فى أنه الرجل القادر على تفعيل أحكام الدستور، بما يشتمل عليه من إلزام سلطات الدولة بأن تمارس وظيفتها فى الإطار الذى حدده الدستور، وبما يكفل حصول الشعب على حقوقه كاملة على النحو الذى نص عليه الدستور، سواء كانت هذه الحقوق سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية .
ويضيف المستشار إسلام أن الدستور هو العقد الاجتماعى الذى ينظم الحياة بين سائر أفراد المجتمع وواجباتهم وبين دور السلطات العامة للدولة سواء تشريعية أو تنفيذية أو قضائية، ويأتى دور رجل الدولة باعتباره حكما بين هذه السلطات وحارسا على أحكام الدستور واحترام تطبيقه.
ويؤكد أن رجل الدولة لا بد أن يحافظ على مصالح الدولة داخليا وخارجيا ، وأن يكفل لكل أفراد المجتمع ممارسة جميع حقوقهم كاملة دون انتقاص أو جور عليها ، لأنه إذا احترم رجل الدولة حق المواطنين ، يستحق قيادة الدولة لأنه يعرف جيدا المحافظة عليها وحمايتها . ويوضح أنه يشترط لرجل الدولة أن يتمتع بالهيبة والإحترام اللذين يوقران فى عقيدة ونفوس المواطنين أنه رمز للدولة بما يوجب احترامه وعدم الاستهزاء به حتى يتمكن من القيام بالمهام الملقاة عليه، لذلك لا بد أن يكون موضع احترام وتقدير من المسئولين والمواطنين .
ويشير المستشار إسلام إلى وجود مسافة بعيدة بين النقد والإستهزاء الذى ينتقص من مكانه الشخص ، لذلك فإن رجل الدولة يجب أن يكون موضع ثقة بين المواطنين ، وفى الوقت نفسه قادرعلى اتخاذ القرار الحاسم فى الوقت المناسب . ويرى أن رجل الدولة لا بد أن يتمتع بشخصية قوية تمكنه من اختيار معاونيه ومستشاريه ووزرائه بدقة وذكاء ووفق معايير موضوعية، لذلك فإنه سيختارهم أيضا رجال دولة يستطيعون مواجهة أعباء العمل العام بكفاءة كبيرة لأن الناس على دين ملوكهم .
ويوضح أن من يمتلك مقومات رجل الدولة يمكنه العبور بها إلى بر الأمان ، لذلك لا يصلح أن يكون مترددا أو ضعيفا أو ذا شخصية متناقضة ، فالدولة لها أركان قوية تحتاج إلى شخصية قيادية من الطراز الأول لديه رؤية ثاقبة فى معالجة قضايا المواطنين .
ويقول اللواء أحمد موافى الخبير الأمنى إن مميزات رجل الدولة تتطلب معرفته العميقة والواعية بالشئون المجتمعية العامة والإدراك بمتطلبات وهموم المجتمع بمختلف شرائحه وكيفية التعامل مع المشكلات التى تتولد عن العلاقة بين كل من الدولة والمجتمع . ويضيف موافى أن محور اهتمام رجل الدولة هو بناء وتأسيس فكر متوازن ويسعى للنهوض بالمؤسسات والمجتمع ، لأن كلا من المجتمع والدولة معا بحاجة إلى رجل دولة ينقذه فى أثناء الأزمات والمحن ، فالذى يعيش هموم المجتمع وينتصر له ، يصبح رجل دولة من الطراز الأول.
ويشير إلى أن خصائص رجل الدولة تنحصر فى الشخصية القوية صاحبة القيادة الفكرية ، التى يظهر تأثيرها على جميع شرائح وأطياف المجتمع والصلابة فى إدارة المواقف، وكيفية صنع قراراته الإستراتيجية ، والدفاع عنها دون أن يتغول على القانون العام أو يحتال عليه، ودون استخدام البدائل غير المشروعة.
ويؤكد موافى ضرورة أن يكون صاحب مهارة وذكاء وحنكة فى المناورة ، يتميز بإرادة قادرة على تحجيم الخصوم وعدم الالتفات لصغائر الأمور ، بالإضافة إلى التمتع بخبرات الشأن الإدارى وانتقاء الكفاءات لتسيير أحوال وأمور مؤسسته. ويشدد على أهمية توافر الصدق والصراحة بين رجل الدولة وشعبه ، وأن يكون صريحا وصادقاً مع شعبه قريباً منه وملامسا له وغير منعزل عنه أبدا ، وأن ينظر نظرة عمودية للحياة لا نظرة أفقية ، وألا ينحاز لأى طرف من الأطراف ، حتى وإن كان هو نفسه جزءا من أية مشكلة فى البلاد، ولكن بشرط أن يكون موضوعياً ونزيهاً ومخلصا لحياديته ، لا تصنع فى مواقفه ولا مضطرب فى قراراته .
ويقول اللواء ضياء الهلالى الخبير الأمنى إن مفهوم رجل الدولة له عدة معان أهمها أن يكون لدية خبرة سابقة فى العمل الرسمى، ويمزج بين العلم والخبرة السابقة فى العمل الحكومى. ويضيف الخبير الأمنى أن قيادة الدولة تتطلب مواصفات خاصة من رجل الدولة فمثلا لا يصلح متخصص فى الذرة أو رجل علم أكاديمى لأنه عندما يبدأ عمله كرجل دولة يصطدم بأمور لا يعلم عنها شيئا ، وعندما يبدأ الاعتماد على آخرين ينفلت منه زمام القيادة، وبالتالى أصبح غير قادر على اتخاذ قرار وأصبح دوره ظاهريا فقط وهذا ينعكس على أدائه وقراراته .
ويشير الهلالى إلى ضرورة الاستعانة فى جميع الوظائف بأشخاص تجمع بين العلم والخبرة ، وتشجع الدولة على إرسال البعثات الخارجية والمنح العلمية للدمج بين العلم والإدارة ، وكيفية مواجهة الأزمة إلى جانب الخبرة فى العمل بالدولة .
وأكد أن رجل الدولة لا بد أن يكون نموذج مثالى فى القيادة ، بمعنى أن يكون قائدا مدربا يعلم جيدا دهاليز الحكومة ، ويتمتع برؤية ثاقبة فى إدارة البلاد.