الدكتور الأحمدي أبوالنور وزير الأوقاف الأسبق:
احتفال الأوقاف بالمولد النبوي.. بتفعيل سنة الرسول قولاً وفعلاً
بعض الأئمة لا يستحقون الانتساب إلي الدعاة
الاحتفالات السنوية بالمولد النبوي الشريف لا تنقطع في مصر والعالم الإسلامي.. ولكنها تقتصر علي توزيع الحلوي والاحتفال الرسمي لوزارة الأوقاف الذي يبدأ بالقرآن الكريم وكلمة مختصرة لأحد الدعاة ثم التواشيح وتهنئة المسئولين والشعب بالمولد وكل سنة وانت طيب.
هذا كل ما تفعله وزارة الأوقاف والأزهر الشريف للاحتفال بالمولد النبوي الشريف.. وفي خطبة الجمعة يمكن ان تستمع من بعض الأئمة تكرار الاحاديث عن الرسول وأخلاقه وطباعه دون تطبيق ذلك علي الواقع حتي من جانب ائمة الوزارة أنفسهم.
الشارع افتقد القدوة الصالحة وأصبح الحديث المكرر بدون تأثير ولا جدوي.. الجرائم كثرت وتنوعت والأخلاق اندثرت والمؤسسات الدينية وعلي رأسها الأزهر والأوقاف عاجزة عن مواجهة التيارات الفاسدة التي تمتلئ بالجشع والتطلع إلي الثراء فقط سواء من حلال أو حرام.
علي الجانب الآخر ورغم أنه لا يوجد بالأوقاف الكثير من الوقف التابع لادارة تسمي البر فإنها لم تستطع بمناسبة المولد ان تمسح دموع اليتامي في يوم اليتيم.. فالأوقاف لا يتم تفعيلها ولا استثمارها وما يصرف منها مجرد مبالغ زهيدة لا تفي بحاجة الفقراء والمحتاجين.
سألت الدكتور الأحمدي أبوالنور وزير الأوقاف الاسبق لماذا لا تؤثر احتفالات الدعاة بالمولد النبوي علي أخلاق الشارع المصري رغم تكرارها من مئات السنين.. أين الدعاة القدوة من أفعال الرسول وأين الدعوة من سلوكيات الناس؟
تأهيل الأئمة
اجاب: أعتقد ان الوزارة لها أنشطة مختلفة ومشاركات مع الأزهر في المؤتمرات التي تعقدها للوعظ والارشاد وآخرها المؤتمر الذي عقد بقاعة المؤتمرات بمدينة نصر.. وكل هذه االجهود لتأهيل الأئمة وتوعيتهم غير أن مشكلة الدعوة والدعاة هي في الامام القدوة الذي يكون عنواناً وتطبيقا يهتدي ويقتدي به الناس.
فالقدوة للأسف مفتقدة في بعض الأئمة ولكن البعض الآخر يمكن ان تجد فيهم الالتزام والأسوة الحسنة غير انهم قلة وهذا هو السبب في عدم تفعيل الأخلاق الإسلامية في الشارع المصري.
* هل تعتقد ان احتفالات الأوقاف تليق بجلال وهيبة وعظمة ميلاد النبي الأعظم صلي الله عليه وسلم؟
** إنه لابد من احياء المناسبات الدينية كالمولد النبوي الشريف بطرق مختلفة ولابد من الابتكار والابداع لاحياء هذه المناسبات بعيداً عن التكرار والسطحية التي بدأ يمل الناس منها ولا تؤثر في الشارع المصري.. لابد أن نذكر مواطن الأسوة الحسنة بالرسول صلي الله عليه وسلم وألا نكتفي بمجرد الحديث بل نعلم للناس كيفية التطبيق وكيف كان الصحابة لا يتعلمون آية من القرآن إلا إذا قاموا بتطبيق الآية السابقة لها علي انفسهم وعلي مجتمعاتهم .. لابد ان يكون هناك قياس للرأي العام وعلي تأثير المنابر في سلوكيات الناس وأخلاقهم خاصة امام الغزو الثقافي الذي يشهده العالم الإسلامي.
بعد ان فتحت عليه الفضائيات والانترنت لتقذفه بكل ما هو سام للفكر والجسد والعقيدة.. اننا نحتاج فعلا إلي تنشيط للدعوة وايقاظ الايمان في قلوب الناس والتركيز علي المعاملات وكيف كان الرسول قدوة إذا باع وسمحاً إذا اشتري.. لابد من نفاذ الدعوة إلي القلوب.. وهذا يحتاج إلي داعية ماهر علميا.. ماهر سلوكيا.. صاحب دين وأخلاق.. وأن نسقط هذه الأخلاق علي الأحداث التي تواجهنا لكي نستطيع مواجهة الفتن والفرقة والاستفادة من ذكري المولد النبوي بأن من يحب الرسول لابد ان يتبع الرسول.. ومن يحب الله لابد ان يتبع الرسول ايضا: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم".
* كيف تؤدي منابر الجمعة دورها في تهدئة الخواطر وانقاذ المجتمع؟
** التطور الذي يشهده العالم ولجوء أصحاب الدعوات الهدامة إلي استخدام المؤثرات الاعلامية المتنوعة وادخال أنواع جديدة وحديثة من هذه المؤثرات علي الشارع للتأثير في الاخلاق وضرب القيم وتماسك الأسر والمجتمع يقتضي ان ننتبه وأن نواجه بمؤثرات أقوي وان تكون المنابر علاجاً كل جمعة للمجتمعات الإسلامية وتوعية للناس بكل ما حولهم وتذكيرهم دائما بالمحافظة علي القيم والأخلاق التي تعلمناها من الرسول.. ولا يكون هذا إلا بالداعية القدوة والامام الماهر والقدوة الحسنة من كافة المسئولين في الدولة إن اردنا النهضة بمجتمعنا.
تعاون الأزهر والأوقاف
قال انني أصادف احيانا نماذج متميزة من هؤلاء الدعاة واصادف احيانا اخري دعاة اخجل من نسبتهم إلي الأوقاف.. وهؤلاء لابد أن يعملوا في أي شئ آخر غير الدعوة.. غير اني اعتقد ان الأزهر والأوقاف يتعاونون الآن بجدية لتأهيل وتدريب ائمة يكونون أكثر وعيا بحال الأمة.
* سألت الدكتور الأحمدي أبوالنور عن خبرته بأموال الوقف وكيف يمكن ان يستفيد منها فقراء وأيتام المجتمع باعتباره أحد الوزراء السابقين لوزارة الأوقاف؟
** قال إن أفضل وسيلة لذلك ان تترجم أعمال البر بالوزارة لوسائل لمساعدة الأسر الفقيرة بتوفير مشاريع صغيرة لهم يعملون بها ويقتاتون منها وهذه افضل من اعطائهم بعض المبالغ القليلة التي ينفقونها ثم يمدون أياديهم إلي الغير.
كما ان المناسبات مثل المولد النبوي الشريف وغيرها يمكن استثمارها في احياء مثل هذه المشروعات وأنا واثق من انه لو تم استثمار أموال الوقف بشكل جيد وبوكالة أمينة لساهمت مساهمة فعالة في حل مشكلة الفقر في مصر.
أضاف الدكتور الأحمدي أبوالنور انه إذا كنا نتحدث عن إكرام اليتامي اقتداء بالرسول صلي الله عليه وسلم الذي ذاق مرارة اليتم وآواه الله فإن مال الوقف مثل اليتيم ايضاً لأن صاحبه مات وتركه أمانة في عنق المجتمع ليتم استثماره كصدقة جارية إلي ان تقوم الساعة ولكنه يحتاج إلي اياد متوضئة مترفعة عن الحرام تنظر للوقوف عل أنه مال الفقراء واليتامي وليس مالا سائبا بلا صاحب.
شروط الواقفين
أشار الدكتور الأحمدي أبوالنور إلي ان الذين يوقفون الآن قليلون لأن بعض الأنظمة قضت علي الوقف الأهلي والجزئي ولم تحقق شروط الواقفين وبعض المحافظين اعطوا لأنفسهم الحق في الاستيلاء عليها لصالح المحافظة وهذا يخالف الشرع لأن الوقف يستخدم حسبما يوقف الواقف.