بعض المواقع تستخدم كمنابر لبث الشائعات
علماء الدين:الفيس بوك تحول إلي وسيلة لارتكاب المعاصي
لم تعد تساؤلات رواد لجنتي الفتوي بالجامع الأزهر ودار الإفتاء وقفا علي أمور العبادات والمواريث والأحوال الشخصية والمعاملات المالية. وبرزت في سجلات ودفاتر الفتوي نوعية جديدة من الأسئلة حول الفيس بوك ومواقع الشات وانتحال الشخصيات وتبادل الصور والمعلومات المغلوطة.
ومن أبرز تلك الفتاوي ذهبت شابة في مقتبل العمر لتسأل عن رأي الدين في انتحالها عدة شخصيات من صنع الخيال مثل شخصية بنت معقدة, بنت من عائلة ثرية ووحيدة, شخصية بنت مثقفة, حتي وصل بها الأمر إلي التحدث مع الآخر بصفتها رجلا. كما يتساءل شاب آخر عن مدي مشروعية انتحاله عدة شخصيات وهمية ووضع صور مستعارة.
علماء الدين من جانبهم يؤكدون أن وسائل التكنولوجيا الحديثة هناك من يستخدمها الاستخدام الصحيح, وهناك علي الجانب الآخر من يستخدمونها كوسيلة ابتكار حديثة هدفها الوصول إلي أسرع سبل ارتكاب الذنوب والمعاصي والسيئات, بتشويه الآخرين بتركيب الكلمات أو تركيب الصور أو استقطاع كلمات معينة بقصد التشويه والإساءة.
ويقول الدكتور سعيد عامر, أمين عام لجنة الفتوي بالأزهر الشريف, إن التقدم العلمي والتطورات بما نشاهده من تقنيات والمخترعات المختلفة التي تطالعنا كل وقت جعلت من السهولة بمكان الاتصال المباشر, وإرسال الرسائل وغير ذلك من وسائل الاتصال المتاحة التي دخلت البيوت دون استئذان وتجاوزت حدود الأقاليم والبلدان وشملت في برامجها الصغير والكبير والذكر والأنثي, هذه حقيقة لا يمكن تجاهلها ولا التغافل عن تأثيرها علي الجيل الحاضر والأجيال القادمة, وهذه النعم التي أنعم الله بها علي الإنسان ـ لا شك ـ فيها خير كثير, وفوائد كثيرة, لكن مع من يتقي الله فيها, ويراقب ربه في السر والعلن, أما الذي لا يجعل في قلبه حياء من الله ولا خوفا من الله, فإنه يحول النعمة إلي نقمة, وذلك شر كبير وبلاء عظيم, ويقول الله تعالي:( ألم تر إلي الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فإن مصيركم إلي النار(28 ـ29 ـ30 من سورة إبراهيم) فهؤلاء قابلوا نعم الله بالجحود, وهذا ما نراه من قطاع كبير من الشباب, بل كثير من الكبار, ممن يرتكبون الآثام ليلا ونهارا بجلوسهم في غرفهم وانفرادهم بهذه الأجهزة ويرتكبون فيها ما يخالف منهج الله, وهذه المخالفات أصبحت متعددة ومتنوعة, فهناك من ينتحل شخصية وهناك من يدعي الكذب والزور والبهتان ببيانات كاذبة, وهذا كله غش وتدليس, ففي صحيح الحديث:( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتي يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن جسده فيما أبلاه وعن علمه ماذا عمل فيه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه), ونحن ندعوهم جميعا إلي التوبة النصوح, ومراقبة الله في السر والعلن, وأن يحافظوا علي أوقاتهم فيما هو مثمر وجاد لأنفسهم ووطنهم.
خطايا إلكترونية
وفي سياق متصل تشير الدكتورة إلهام محمد شاهين مدرس العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر, إلي أن الكمبيوتر يحمل في طياته الخير والشر, ويستخدم حسب ميول الشخص ورغباته فينال من ورائها خيرا أو يحصد من خلالها شرا, والبعض يفعل الشر عالما به وعامدا له وقد يكون من أهل العلم والدعوة, وهذا لا مجال للحديث معه إلا أن ننصحه بأن يحذر لنفسه من غضب الله ونذكره بقوله تعالي.. فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم(63) ألا إن لله ما في السماوات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شيء عليم(64) سورة النور.
كما تصف الصنف الآخر الذي يفعل الشر جاهلا به وذلك مثاله بعض من ينتحل شخصيات وهمية غير شخصيته الحقيقية ويتخذ من ذلك ستارا ليدخل به إلي المنتديات ويطلب الصداقات من غير بني جنسه فتجد شبابا ورجالا ينتحلون صفة نسائية ليتسني عقد صداقات مع النساء والتعرف علي أسرارهن أو عقد صداقات مع رجال وإيهامهم بأنه امرأة متدينة أو غير ذلك مما يؤدي إلي تعلق الآخر به ومثل ذلك تفعله النساء أيضا, وهذا لون جديد علينا من الكذب, وفي الإسلام الكذب هو شعبة من النفاق إذا لازم المرء لقوله, صلي الله عليه وسلم: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب, وإذا وعد أخلف, وإذا ائتمن خان وكبيرة من الكبائر حذر الرسول من الاقتراب منها فقال: إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلي الفجور, وإن الفجور يهدي إلي النار, وإن الرجل ليكذب ويتحري الكذب حتي يكتب عند الله كذابا...
شائعات كاذبة
من جانبه يقول الدكتور أسامة فخري الجندي, الباحث في شئون الدعوة الإسلامية, ان استخدام التكنولوجيا الحديثة كوسيلة لتشويه الآخر بتركيب الكلمات أو تركيب الصور أو استقطاع كلمات معينة بقصد التشويه والإساءة, وكذلك استخدام ألوان السباب المختلفة للأبرياء, كل هذا يؤدي نهاية إلي الإساءة لشرف وسمعة الغير, مما جعلنا نجد أنفسنا أمام كتائب وفرق ولواءات يسفهون الآخرين, يروجون لكثير من الأكاذيب, يقومون بالغش والخداع والتحايل, يبذرون بذور الفتنة, يدسون السموم في الخفاء, يدخلون من الأبواب الخلفية, يضربون اللحمة الوطنية.
وأضاف: أن كل من يستخدم وسائل التكنولوجيا وعالم بقصد بذر بذور الفتنة, والتفريق بين أفراد الأمة, ويمشي بالنميمة, والغيبة, والخوض في أعراض الغير, كأنه يمسك بيده معولا يهدم به البنيان الذي جاء الإسلام ليقيمه.