المهندس أحمد إمام وزير الكهرباء : المشروع النووى «هيحصل هيحصل».. وأعدكم بـ«صيف أفضل»
«إحنا الوزارة الوحيدة اللى بيشعر بأدائها جميع المواطنين بشكل فورى»، بهذه الكلمات بدأ المهندس أحمد إمام، وزير الكهرباء والطاقة، حواره لـ«المصرى اليوم»، رداً على الانتقادات الموجهة للوزارة، سواء بسبب تكرار ظاهرة انقطاع التيار المتكرر، خلال الصيف الماضى، أو شكاوى المواطنين من زيادة قيمة الفواتير، التى أكد أنها مشكلة طارئة فى منظومة التحصيل ويتم التعامل معها.
وقال «إمام» إن المشروع النووى «هيحصل هيحصل»، وإنه تقرر طرح مناقصة إقامة مفاعلين نوويين بقيمة تزيد على الـ70 مليار جنيه فى يناير المقبل، ووعد المواطنين بـأن الصيف القادم أفضل، مشدداً على ضرورة ترشيد استهلاك الكهرباء، وإلى نص الحوار:
■ الكثير يشكك فى جدية طرح مناقصة المشروع النووى الشهر المقبل؟
- بالتأكيد نحن جادون فى هذا الأمر، والمشروع النووى «هيحصل يعنى هيحصل»، لأن مصر فى حاجة لهذا المشروع بأسرع وقت، فالوقود ينضب، والطاقة الشمسية والرياح غير كافية وليست ثابتة، ولا يمكن الاعتماد عليها، وتنويع مصادر الطاقة أصبح أمراً محتوماً، ولا بديل عنه خاصة أننا نحتاج 3000 ميجاوات كقدرات توليد سنوية، تكلف الدولة نحو 3 مليارات دولار، وسواء رضينا أو لم نرض، فإن النووى أصبح ضرورة قصوى.
■ لكن طوال الـ32 عاماً الماضية، تم الإعلان عن إطلاق البرنامج النووى أكثر من مرة دون أن يحدث عمل حقيقى؟
- قبل 25 يناير 2011 جهزنا المناقصة، وكنا على وشك إعلانها بالفعل، إلا أن حالة الانفلات الأمنى أثناء الثورة وتعدى عدد من الأهالى على أرض المفاعل النووى فى يناير 2012، دفع مجلس الوزراء لإصدار «قرار سياسى» بتأجيل المشروع لحين انتخاب مجلس شعب، حتى يحصل على التأييد الشعبى، ثم نجحت القوات المسلحة مؤخراً فى إعادة الأرض، وبدأنا فى إعادة تجهيز المناقصة مرة أخرى عن طريق 3 محاور، الأول: عودة عمل الاستشارى العالمى للمشروع، والمحور الثانى: تقديم مذكرة إلى مجلس الوزراء لعمل أمر تنفيذ بالأمر المباشر للقوات المسلحة لبناء البنية التحتية فى أرض المفاعل، من سور وشبكة صرف صحى ومياه وسكن للقائمين على المشروع، ويأتى هذا الاختيار لأن القوات المسلحة ستكون الأسرع والأرخص من حيث التكلفة مقارنة بأى جهة أخرى، وأيضاً لما تمثله المنطقة من حساسية أمنية، أما المحور الثالث، فيتمثل فى طرح المناقصة التى سيتم طرحها خلال الشهر المقبل، لضمان التنافس بين مختلف الشركات واختيار أفضل العروض.
■ هل هناك اعتمادات مالية لتلك الخطوة؟
- نعم، من ميزانية هيئة المحطات النووية، ولا أعتقد أن الحكومة ستتأخر فى توفير أى اعتمادات إضافية، لكن هناك تحديات كبرى أخرى، فإلى جانب توفير الاعتمادات المالية اللازمة، لابد أيضاً من تأهيل الكوادر البشرية فى الهندسة والطب النووى، والأمن الإدارى النووى، ونشر الثقافة النووية فى المجتمع بأثره، وهو دور مهم على أجهزة الإعلام الالتفات إليه.
■ ماذا عن الجدول الزمنى لبناء المفاعلين النوويين؟
- سيتم طرح المناقصة فى يناير المقبل، وسنحتاج عامين تقريباً من العمل سواء لتلقى العروض والإعلان عن اسم الشركة الفائزة وبدء العمل الفعلى فى المشروع الذى سوف يستغرق نحو 7 سنوات تقريبا.
وهناك الكثير من الأعمال التى ينبغى إنجازها، كورش العمل التى تنظمها الوزارة حالياً، حول إدارة تكنولوجيات المحطات النووية وربطها بالشبكة القومية للكهرباء، بهدف نقل وتبادل الخبرات مع كافة الدول النووية، مثل فرنسا والولايات المتحدة وكندا وباكستان، لمعرفة المتطلبات الخاصة بربط المحطة النووية بالشبكة فى مصر.
■ البعض يرى أن إلزام الشركات بتوفير تمويل إنشاء المحطة سيجعل مصر خاضعة لشروطها؟
- بالطبع لا، ولن نسمح لأحد بفرض شروط علينا، والمحطتان ستتكلفان نحو 70 مليار جنيه، وسنجعل مختلف الشركات والبلدان تتنافس للحصول على تلك الصفقة، لأنها ستضمن تشغيل مصانعها التى تنتج المعدات الخاصة بالمفاعلات النووية لفترات طويلة، ولذا نوجه النداء لكافة الشركات بسرعة العمل فى بناء المشروع، فالبرنامج يتضمن «نهضة صناعية» يجب أن يشارك فيها الجميع، مثلما حدث فى كوريا الجنوبية التى أصبحت إحدى الدول المصدرة للمفاعلات النووية.
■ تنازلت هيئة المحطات النووية عن نحو 10 كيلومترات لعدد من أهالى الضبعة، كيف ترى تلك الخطوة، وهل توافق عليها؟
- يهمنا التوافق الشعبى لإقامة المشروع، لأنه يعد إحدى الركائز التى تهتم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ونحن من ناحية المبدأ كنا سنقيم «مدينة سكنية» لسكن العاملين بالمشروع، وبالطبع سيعمل أهالى المنطقة فى المشروع، وسيحصلون على عدد من الوحدات السكنية، ولكن يجب التأكيد على أنه لا يسمح أن نخالف تعليمات وإرشادات الأمان النووى، سواء لوكالة الطاقة الذرية أو لهيئة المحطات النووية وهيئة الأمان النووى، وكذلك هيئة الرقابة النووية والإشعاعية.
■ بم تفسر استمرار تدهور كفاءة محطات توليد الكهرباء الذى ترتب عليه ظاهرة انقطاع التيار المتكرر التى يعانى منها المواطنون؟
- نحن الوزارة الوحيدة التى يشعر بأدائنا المواطنون بشكل فورى، وأعتقد أنهم شعروا بتحسن ملحوظ خلال الفترة الماضية، حيث بدأت خطة لرفع كفاءة المحطات منذ أن توليت الوزارة، وبالفعل نجحنا فى إصلاح معظم وحدات التوليد، وصلت قدراتها فى الصيف الماضى لـ26 ألفاً و500 ميجاوات، ونوضح مجدداً أن سبب الانقطاعات الكهربائية ضعف الوقود بشكل أساسى، ما دفعنا لتوليد نحو 24 ألف ميجاوات فقط بسبب نقص الغاز والمازوت.
■ لكن، رغم تلك الخطة التى تحدثت عنها، شهد الصيف الماضى تزايداً نسبياً فى انقطاع التيار؟
- لا ننكر ذلك، ولكن السبب الأبرز لها هو عدم توريد الكميات الكافية من الوقود، التى أدت إلى نقص قدرات التوليد بنحو 1500 ميجاوات تقريباً، ونحن منذ شهر أكتوبر لم نخفض الأحمال إلا 3 مرات فقط لظروف طارئة، وأعلنا ذلك أمام الجميع.
■ البعض يرى أن الأحداث السياسية أثرت بشكل كبير فى عدم تفاقم ظاهرة انقطاع الكهرباء بشكل ملحوظ الفترة الماضية؟
- هناك 3 عوامل أثرت فى عدم حدوث الانقطاعات الكهربائية، خلال يوليو وأغسطس الماضيين، تتمثل فى الأحداث السياسية وتخفيف الأحمال الصناعية، وانتظام إمدادات الوقود، فضلاً عما حرصنا عليه من رفع لكفاءة المحطات.
■ ما الضمانات لعدم حدوث نقص للوقود، خلال الصيف المقبل، فى ظل ما يتردد حول بدء استيراد الغاز الطبيعى لسد احتياجات المحطات؟
- نحن فى تنسيق دائم مع وزارة البترول، التى تعمل حالياً على إعداد تصور وخطة للاستيراد، ولكن لضمان نجاحها يجب إيجاد منظومة دائمة لإدارتها، ولابد أن تدفع وزارة الكهرباء فواتير الغاز الخاصة بالمحطات، التى أصبحنا عاجزين عن دفعها خلال الفترة الماضية.
■ بعد أكثر من عام من انفجار الوحدة الأولى فى محطة التبين، ما الجديد فى مفاوضاتكم مع شركة «إلستوم» المنفذة للمشروع؟
- اتفقنا على الاحتكام لأحد المعامل العالمية المحايدة، لتحديد المسؤول عن وقوع الانفجار، وقد أرسلنا الفحوصات لخبرائنا ولأساتذة جامعة القاهرة، ومازلنا ننتظر النتيجة.
■ هناك اعتراضات على إسناد الوزارة إنشاء محطات جديدة لنفس الشركة دون انتظار نتيجة التحقيقات؟
- شركة «إلستوم» إحدى 3 شركات عالمية تعمل فى إنشاء تلك المحطات، ومصر ستخسر لو تم استبعادها، لأن لديها بالفعل الكثير من وحدات التوليد العاملة بالفعل فى مصر منذ فترات طويلة، وحين حدث الانفجار سارعت الشركة بإرسال 12 خبيراً، أعادوا تشغيل الوحدة الثانية دون الحصول على أى أموال، ونحن ندير تلك المشاكل بشكل فنى جداً، وسننتظر نتائج المعمل العالمى، وبعدها سنتفاوض معهم.
■ يشكو مهندسو المحطات من تأخر بدء عمليات صيانة، بسبب تأخر وصول الخبراء الأجانب المشرفين على تلك المحطات؟
- هناك عدد كبير من الخبراء الأجانب فضلوا عدم المجىء لمصر، خلال الفترة الماضية بسبب التحذيرات التى تطلقها الدول التى ينتمون لها من السفر لمصر، إلا أن غالبيتهم عادوا بالفعل للعمل مرة أخرى، والمشكلة الأبرز التى نواجهها حالياً هى مشكلة العاملين مع المقاولين فى المحطات الجديدة، حيث يرغب جميعهم بالعمل لدى وزارة الكهرباء، وتزيد أعدادهم على 4 أو 5 آلاف فرد، بينما نحتاج نحو 200 شخص فقط لتشغيل المحطة، وهو الأمر الذى انعكس فى صورة أعمال شغب وبلطجة، وإغلاق لأبواب المحطات بالجنازير رغبة منهم فى الضغط على الوزارة.
■ ما خطة مواجهة تخفيض الأحمال الكهربائية للصيف القادم؟
- نحن نعد المواطنين بصيف أفضل بكثير، وسوف نشغل محطة بنها بقوة 500 ميجاوات، ونأمل فى سرعة توصيل الغاز الطبيعى لها حيث نشغلها بالسولار، الذى نقلناه من المحطات الأخرى، وسنقوم بتشغيلها فى أوقات الذروة فقط بسبب تكلفة توفير السولار، كما سنشغل محطة شمال الجيزة، ووحدة توليد بمحطة العين السخنة بإجمالى قدرات توليد نحو 3000 ميجاوات، بالإضافة لـ600 ميجاوات فى محطة 6 أكتوبر ضمن الخطة الإسعافية.
■ تزايدت شكاوى المواطنين من ارتفاع فى قيمة فواتير الكهرباء مع تأكيد الوزارة عدم زيادة الأسعار، فلماذا؟
- انحصرت الشكاوى على فاتورة شهر أكتوبر فقط، وتبين لدينا حدوث مشكلة فى منظومة التحصيل نتيجة لعدد كبير من العوامل، سواء من الانفلات الأمنى أو كثرة أعداد المشتركين بشكل لم يكن مخططاً له، ولذا فبعض المشتركين لم يمر المحصلون عليهم خلال شهر يوليو أو أغسطس، وهما من أكثر الشهور استهلاكاً فى الكهرباء فتم دمجها مع استهلاك الشهر الذى يليه، ولذلك ظهرت بعض الشكاوى، إلا أننى أؤكد أن الأسعار لم تزد منذ يناير الماضى.
■ ماذا عن شكاوى المواطنين من عدم انتظام مرور المحصلين؟
- عقدنا عدة اجتماعات خلال الفترة الماضية مع شركات التوزيع، خاصة مع تدنى تحصيل الفواتير لحد لم يسبق له مثيل، بلغ نحو 60%، الأمر الذى استوجب معه وضع العديد من القواعد الصارمة من تخصيص مراجع لكل 10 محصلين ليراقب بنفسه أداءهم.
■ كيف تواجه الوزارة الأزمة المالية التى تعانى منها؟
- أولاً، تم وقف التعيينات لحين عمل دراسة حقيقية لمتطلبات العمل اليومية والتخصصات التى نحتاجها، بعيداً عن أى مجاملة، خاصة أن بند الأجور وصل لمرحلة خطيرة مع ارتفاع حاد فى أسعار قطع غيار محطات التوليد، التى أصبحنا عاجزين لحد كبير عن شرائها، وتعانى الوزارة من عدم تحصيل فواتير كهرباء لدى عدد من الجهات الحكومية التى تقدر بنحو 14 مليار جنيه، الأمر الذى تسبب فى عدم دفع قيمة الوقود لوزارة البترول، بالإضافة لمديونية كبيرة لدى بنك الاستثمار.
■ فى ظل تزايد أزمة الوقود عالمياً ومحلياً، لماذا لا يتم التوسع فى إنشاء المحطات العاملة بالطاقة المتجددة؟
- نعمل بالفعل على الاستفادة القصوى، ولكن لا يمكن الاعتماد عليها بشكل دائم فطاقة الرياح أوالطاقة الشمسية مؤقتة وغير دائمة، ومع ذلك فهناك خطة لرفع نسبة توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة فى مصر بنحو 20% من الطاقة المولدة فى مصر حتى عام 2020، ولذا نعمل حالياً على توليد 550 ميجاوات من الرياح ومخطط إضافة 200 ميجاوات خلال شهر المقبل، و140 ميجاوات من الطاقة الشمسية، كما أن لدينا خطة لإنشاء 10 محطات لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بحلول 2017، فضلا عن محطات أخرى مشتركة لتوليد الكهرباء من الغاز والطاقة الشمسية.
■ من المقرر خلال اليومين المقبلين أن يتم توقيع العقود التنفيذية للربط الكهربائى (المصرى- السعودى)، فمتى سيبدأ التشغيل؟
- المشروع يعد إحدى نتائج التعاون العربى، وطرحت الوزارة مناقصة للأعمال الاستشارية خلال الأيام الماضية، وسيتم تنفيذ المشروع بنظام «الحزم»، حيث يتكون من 5 حزم، ومن المخطط الانتهاء من تشغيل المشروع فى 2016، على أن تتم اختبارات التشغيل فى 2015، وتم الاتفاق مع الجانب السعودى على أن تتولى كل شركة مسؤولية تمويل وامتلاك وتشغيل وصيانة معدات الربط داخل أراضيها حتى الساحل البحرى بخليج العقبة، أما فيما يتعلق بالكابلات البحرية فى المسافة بين البلدين فستكون مناصفة بين البلدين، وذلك لتبادل قدرات كهربائية خلال فترات الذروة إلى حوالى 3000 ميجاوات، للاستفادة من اختلاف فترات ذروة الأحمال الكهربائية فى البلدين.
■ هل هناك مشاريع ربط كهربائى مع دول أخرى؟
- ندرس حالياً مشروعاً مع كل من السودان وإثيوبيا.
■ فى رأيك، ما أبرز التحديات التى يواجهها قطاع الطاقة فى مصر؟
- ارتفاع حجم الاستهلاك الذى أصبح يتصاعد بشكل جنونى وزيادة أسعار الوقود بمختلف أنواعه، بالإضافة إلى توجه مصر الحالى لاستيراد المازوت والغاز، الذى سيزيد من تكلفة إنتاج الكهرباء، خاصة فى ظل صعوبة توفير التمويل البنكى.
■ ما تقييمك لخطة ترشيد الكهرباء؟
- ترشيد الطاقة يجب أن يتحول لقضية قومية، ويجب أن يشارك الإعلام فى نشر ثقافة الترشيد بين الشعب المصرى، فمن جانبنا وضعنا خلايا شمسية فوق مبنى ديوان الوزارة لتوليد الكهرباء أثناء العمل، وكذا عواميد الإنارة أمام مبنى الوزارة، ونتمنى تعميم التجربة التى ستوفر الكهرباء والوقود المستخدم فى عملية توليد الكهرباء فى آلاف المبانى، بالإضافة إلى أننا أطفأنا العام الماضى نحو 350 ألف عمود إنارة وفرت نحو 100 ميجاوات، ولم يشعر أحد من المواطنين بإطفاء تلك العواميد، ويبقى على المواطن الدور الأبرز فى عملية الترشيد، خاصة فى أوقات الذروة الصيفية عن طريق إغلاق التكييفات والسخانات غير الضرورية.