القانـــــــــون الأزمــــــــــــة
بدأ تنفيذ قانون تنظيم التظاهر ومع أول تطبيق له يوم الثلاثاء الماضي قامت الدنيا وثارت العديد من القنوات الفضائية والصحف تندد بتصرفات رجال الشرطة تجاه المتظاهرين واستنكروا الاعتداء عليهم والقبض علي عدد منهم ووصف بعض الثوار القانون بأنه غباء سياسي وقانون سيء وتوقيته أسوأ وظهرت شخصيات ووزراء يؤيدون القانون ممن كانوا يطالبون بحق التظاهر سابقا... كما ظهر د. حازم الببلاوي رئيس الوزراء بصحبة عدد من الوزراء لتوضيح موقف الحكومة والدفاع عن القانون مؤكدين تنفيذه بدقة حفاظا علي هيبة الدولة مؤكدين أن الاخطار بالتظاهرات ليس قيدا وإنما حماية للمتظاهرين وأن القانون يمنع قطع الطرق وتعطيل العمل ومصالح المواطن.. ويري الجانب الآخر أن القانون يكبل حق التظاهر والذي انتزعه ثوار يناير ولو أن القانون طبق من قبل لما قامت الثورة، وأن الشرطة أهانت المتظاهرين وهي أسد علي الثوار ونعامة علي مظاهرات الإخوان المسلمين وأنه لا حاجة لقانون تظاهر ولدينا قانون للعقوبات يكفي لكل المخالفات وأن القانون لم يراع ظروف صعبة يمر بها الوطن وأنه ليس مقدمة جيدة لبداية الحوار حول الدستور والاستعداد للاستفتاء عليه.. وما بين الرأي بعدم الاعتراف بالقانون والرأي الآخر الذي يراه علاجا لما نعانيه من صراع بالشارع السياسي تستضيف »أخبار اليوم« هذا الأسبوع كلا من د. كريمة الحفناوي عضو جبهة الانقاذ واللواء محسن حفظي محافظ الدقهلية السابق والخبير الأمني.
د. كريمة الحفناوي
قانون التظاهر سيء وتوقيته أسوأ
»أطبطب وادلع« شعار الحكومة في التعامل مع الجماعات الإرهابية
لا عدالة انتقالية إلا بقصاص ولا عدالة اجتماعية إلا برفع معاناة الفقراء
< ما رأيك في تطبيق قانون التظاهر الجديد؟
- لدي تحفظات علي القانون أولا ثم علي بداية تطبيقه.. فالقانون غباء سياسي وغير مناسب في توقيته.. وأراه قانون الغباء السياسي.. وأصدرته حكومة »طبطبت« علي الجماعات الإرهابية ولم تنفذ أو تطبق عليها القوانين التي تحت يديها مثل قانون العقوبات والذي أدخلت عليه تعديلات عام 2991، ومواد هذا القانون كان يجب تطبيقها علي الجميع وهي تكفي تماما للحفاظ علي أمن الوطن والمواطن ولم نكن في هذه الحالة نحتاج لا لحالة الطورائ ولا قانون التظاهر لأن لدينا قانون قوي للعقوبات ونكون بموجبه قادرين علي محاسبة كل من اقترف جرما في حق الوطن وهذا القانون يحاكم ويعاقب كل من أجرم في حق البلد وهو ما عانينا منه كثيرا بدءا من شل حركة المرور وقطع الطرق وانتهاء بتكدير الأمن العام كما في حالتي اعتصام رابعة العدوية والنهضة حيث تم تكدير أمن كل سكان هذه المناطق، وكان بموجب قانون العقوبات لو طبقته حكومة د. الببلاوي انهاء كل هذه الجرائم وكنا في هذه الحالة تصرفنا كدولة قوية وحافظنا علي هيبتها.. ولكن لدينا حكومة بطيئة في قراراتها وفاشلة في سياساتها وبدلا من أن تحاسب وتعاقب الجماعات الإرهابية تمد لها يدها بالمصالحة منذ اليوم الأول للحكومة، وكان بيان د. زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء والذي أضفي علي الحكومة صفة الضعف من البداية ونحن كشعب نتعرض لهجمات إرهابية والحكومة تقول »أصالحك« للقائمين علي هذه الجرائم وكلما زادت الجرائم يزيد اكرام الحكومة للجماعات الإرهابية مما سمح لها بارتكاب الحرق والقتل أليست هذه كلها تصرفات حكومة فشلت في إيجاد الحلول وتطبيق قانون العقوبات فبدأت تهرب وتضع قانونا للتظاهر..
أسد ونعامة
< ولكن قانون التظاهر نظم فقط حق التظاهر ولم يمنعه فلماذا الاعتراض؟
- ليت القانون نظم الحق في التظاهر ولكن في بعض مواد القانون ما يعطي الحق لوزير الداخلية أن يلغي ويمنع المظاهرة خلال 42 ساعة، إذن هذه ذريعة لإلغاء حق التظاهر وفي مواد اخري يتيح للشرطة استخدام القوة المفرطة تجاه المتظاهرين وأعطي للشرطة أيضا صلاحيات لفض المظاهرات مما ينتج عنه عنف وعنف مضاد.. لسنا ضد قانون للتظاهر ولكن مع حق المجتمع في اجراء حوار كامل حوله والأخذ بما يراه الشعب فالقانون لا ينظم حق التظاهر بل يكبله إلي جانب أن قانون العقوبات يكفي وأن توقيت القانون ليس مناسبا وكنا نفضل أن يصدر هذا القانون من مجلس الشعب أو النواب القادم.
< وما رأيك في أولي تطبيقات القانون مساء الثلاثاء الماضي أمام مجلس الشوري؟
- كانت الحكومة أسد علي القوي الثورية ونعامة علي جماعات الإرهاب وتركت مظاهرات الإخوان المسلمين وفضت بالقوة تظاهر القوي الثورية السلمي أمام مجلس الشوري.. وخلال المظاهرة لم تستخدم الشرطة روح القانون واستخدمت القوة بدلا من التهدئة..
لا اعتراف بالقانون
< ولكن هذه القوي الثورية لم تتقدم بإخطار للحصول علي تصريح لمظاهرتها؟
- كيف نتقدم بطلب للحصول علي تصريح بالتظاهر ونحن ضد القانون؟ ولو تقدمنا للحصول علي اذن فكأننا نعترف بالقانون ونطبقه فنحن نزلنا للتظاهر ضده ولا ننفذه وقد تم ذلك بشكل سلمي ولم نقطع الطرق ورفعنا أوراقا تقول »لا«.. للمحاكمات العسكرية ولا.. لقانون التظاهر« وللأسف كنت ضيفة علي أحد الفضائيات ولم احضر هذه المظاهرة السلمية وكان يجب أن تسمح الشرطة للمتظاهرين أن يقابلوا أعضاء لجنة الخمسين وتلجأ للتهدئة بدلا من العنف لأن الشارع محتقن ومرتبك وأنا أدعو الجميع لسماع أسر الشهداء فوالد »جيكا« قال ما معناه أن لا عدالة انتقالية إلا بالقصاص ولا عدالة اجتماعية إلا برفع المعاناة عن الناس ولكن تأتي الحكومة بقوانين أري أنها تتجه للقمع وساعدت علي تطبيقها بالخطأ وبشكل يدفع للتصعيد.
التأجيل أفضل
< ولماذا ترين أن توقيت القانون غير مناسب؟
- أري أن التوقيت غير مناسب بالمرة، نحن نريد الاستقرار ولدينا خارطة طريق يجب أن نتكاتف جميعا لتطبيقها وعلي وشك اصدار دستور وفي طريقنا إلي استفتاء فلماذا لم يؤجل هذا القانون ليصدره البرلمان القادم؟ لماذا التعجل ونحن في أشد الأوقات حاجة إلي استقرار البلاد لماذا لم تكتف الحكومة بتطبيق قانون العقوبات؟ ونحن الآن كمن ذهب حرامي لمنزله بغرض السرقة فبدلا من القبض علي المجرم تم هدم المنزل تماما هذا هو الوضع الحالي..
تصالح الشرطة والشعب
< ألا تخشين أن ينفد صبر رجال الشرطة بعدما ضحوا بأرواحهم وأصيب عدد كبير منهم؟
- الشرطة تعودت ولسنوات طويلة للأسف علي أنها تحمي النظام ولهذا عانت وعانينا معها كثيرا ولكن عقب 03 يونيو الماضي حدث التصالح بين الشرطة والشعب وعادت الشرطة لخدمة الشعب بدلا من النظام ولكن الوجه الآخر لعودة عدد قليل جدا من رجال الشرطة للتعامل مع القوي الثورية بطريقة غير آدمية لانتهاك حقوق الانسان لا نريده مرة اخري ولابد من إعادة هيكلة الشرطة وتطوير مفاهيمها حول التظاهر ولا يقال لنا القوانين في الخارج تنظم التظاهر، نحن هنا في مصر لنا طبيعتنا وقد ظلم هذا الشعب كثيرا ومطلوب أيضا تطهير الشرطة ممن التحق بها خلال حكم الرئيس السابق د. مرسي..
< الشرطة أيضا قدمت شهداء وتحملت كثيرا لماذا لا يحدث التفاهم وتقبل الحوار حول التظاهر ولماذا لا تلتزمون بالقانون ثم يتغير في البرلمان القادم عن طريق نوابكم؟
- نحن نقدر من استشهد من الشرطة أثناء أداء واجبهم ودورهم في الحفاظ علي الوطن وأمن المواطن ولكن أرادت الحكومة أن تدفع بالشرطة لمنع أو الحد من حق التظاهر فحدث ما حدث ولهذا أقول وأؤكد أن القانون سيء وتوقيته أسوأ.
اللواء محسن حفظي
القانون مناسب وتوقيته سليم واحترامه واجب
الدول الديمقراطية لا تسمح بأن تلمس قدم المتظاهر الشارع
< ما رأيك في قانون التظاهر الجديد؟ وهل توقيته مناسب؟
ــ القانون سليم ومناسب جداً وفي توقيت صحيح وتأخر كثيراً لأن الإخوان المسلمين ومؤيديهم يحاولون »فرض السيطرة« وهو مصطلح أمني والناس أفاقت علي مافعلوه فترة ما وقالوا نحن الدولة أي الحكومة والشعب معاً وهم يريدون »اللادولة« مظاهرات بصفة دائمة وقطع طرق ومهاجمة القطارات وكل ما يهز هيبة الدولة ويؤدي لفرض سيطرتهم عليها وفي أكثر الدول ديمقراطية لا يتم السماح بنزول قدم المتظاهرين للشارع وأقصي حق له هو التظاهر علي الرصيف وأنا قلق مما يحدث حولنا ولننظر إلي العراق وليبيا وسوريا وأخطر ما يواجه مصر الآن هو التمويل، فمن يدفع فلوس يحقق عدم الاستقرار ومن يرتكب جرائم ضد الوطن ربما لا يعلم من وراءه من المحرضين، فمن قتلوا السادات بحجة أنه كافر كان ورائهم مصالح دول وهم متصورون وفاهمون أنهم ينفذنون عملاً من أجل رفعة الإسلام ودفعوا دفعاً لقتله إلي جانب أن هناك متطرفين ومجرمين من حزب التحرير الإسلامي عادوا لمصر وأفرج عن البعض منهم مما يشكل أخطارا جسيمة فعلينا سد ثغرات كبيرة حدثت وعلينا ألا نهيئ الأجواء لجرائم أخري وكل دول العالم المتقدم بها قوانين تنظم حق التظاهر.. ويوجد عملاء مهمتهم التفرقة بين أبناء الوطن الواحد والفلوس لا تعرف اتجاهات ولا دين ولا مبادئ ولهذا مطلوب عدالة اجتماعية سريعة وحل مشكلة الفقر لأن الفلوس تفعل ما يريده العملاء والخونة بيد من يحتاج إلي المال.
مخاطر عديدة
< وكيف تري الاعتراضات بدءاً من الحصول علي إذن تظاهر وحتي طرق مقاومتها؟
ــ الاعتراضات تأتي ضمن محاولة إفشال القانون ووقف تطبيقه وذلك في إطار خطة كبيرة لإظهار الدولة بأنها رخوة وضعيفة تمهيداً لإسقاط الاستفتاء علي الدستور وكخطوة أولي ثم تتلوها خطوات أخري مع تصعيد للعنف وتصبح الصورة سوداء وقاتمة ولهذا لابد أن يعي المواطن خطورة ما يتعرض له الوطن وأن يفهم الناس طبيعة ما يحدث أولاً بأول وأن بيننا من يقول لسان حالة »يا فيها يا اخفيها« ومازال بيننا من يري أن الإخوان المسلمين بما يرتكبوه من جرائم وتعطيل مصالح الناس ربما يعودون للحكم مرة أخري وهذا لن يحدث ولابد أن نحافظ علي بلدنا.. ومن يقول إن القانون يصادر حق التظاهر أسأله كيف؟ إن شرط الحصول علي موافقة من وزارة الداخلية لا يعني قيد وإنما هذا الشرط لتدبير القوات اللازمة لتأمين المظاهرة وعدد السيارات والإمكانيات اللازمة ولهذا يجب أن نوافق علي القانون عملياً لحماية البلاد ولا مساس بحق المتظاهر السلمي الذي لا يحمل سلاحاً وله مطالب مشروعة.
لم يمنع النقاب
< ألا تري في قانون التظاهر أي أخطاء؟
ــ خطأ واحد وهو أنه منع ارتداء الأقنعة ولكنه لم يمنع النقاب بالرغم من أن معظم المتظاهرين في مظاهرات الإخوان المسلمين رجال يرتدون النقاب!
< وما رأيك في أول تطبيقات القانون مساء الثلاثاء الماضي أمام مجلس الشوري؟
ــ القانون في تعريفه عام ومجرد لا دين له ولا اتجاه وإنما تم تشريعه للجميع ولابد أن يطبق علي الجميع وما حدث مساء الثلاثاء الماضي أمام مجلس الشوري كان مطلوباً لكي تسير الأمور وتعود هيبة الدولة فالحسم والردع أساس الاستقرار الذي ننشده جميعاً ولهذا لابد من تطبيق القانون.
فلول المتآمرين
< ولكن طبق علي الثوار ومتظاهري الثورة فقط؟
ــ الثوار عندما يصدر قانون لابد أن يطبقوه ويحترموه والقانون ليس سيئاً وحتي لو رأوا أنه سيئ فالقاعدة أن احترامه واجب ويكفي أنه يطبق علي الجميع بلا تمييز ولكن المشكلة فلوس الكبار من المتآمرين يدفعون والغلابة من الشعب هم الذين ينفذون أغراض المتآمرين بالوصاية وهم أيضاً الذين يواجهون الشرطة ورجالها ولهذا لابد من صدور قانون لمكافحة الإرهاب وبسرعة حتي يتم التأمين علي الضباط ورجال الشرطة ونقضي علي الإرهاب بأكبر قدر ممكن، ولابد من عدالة اجتماعية سريعة وعلاج للفقر لأن »القرش« يحكم الشارع المصري الأمن.
استعدادات مختلفة
< قامت ثورة يناير بالتظاهر وهذا القانون يراه المعارضون حصانة لأي حاكم قادم فما رأيك؟
ــ كيف يرون ذلك؟ إن حق التظاهر مكفول وتنظيمه مطلوب والحصول علي إذن ما هو إلا لصالح المتظاهرين فهل الاستعدادات اللازمة لمظاهرة عمالية أمام مصنع هي نفس الاستعدادات لمظاهرة يخرج خلالها مليون مواطن؟ من يتحمل مسئولية مظاهرة كبيرة بها مولوتوف ومدافع وأسلحة وهنا يجب أن يتحمل جانباً من المسئولية من تقدموا بالإخطار وعلي الشرطة أن تستعد بإمكاناتها وألا تكون مقصرة في أداء واجبها تجاه الشعب.
لا أسد ولا نعامة
< وما رأيك في أن الشرطة كانت مساء الثلاثاء الماضي »أسد« علي الثوار »نعامة« مع الإرهابيين؟
ــ أري أن القانون يجب أن يطبق علي الجميع بدءاً من الثوار وانتهاء بالإرهابيين لأن الجميع أمام القانون سواء والقانون عام ومجرد وبلا اتجاه وأنا غير موافق علي عدم تطبيق القانون علي جماعات إرهابية أو جماعة الإخوان المسلمين أو أي مواطن تسول له نفسه اللعب بمقدرات الوطن.
< وماذا تقول لمتظاهري الثورة الذين طبق عليهم القانون مصحوباً بعنف؟
ــ أقول لكل الثوار صدر قانون للحفاظ علي الوطن وتنظيم حق وأكرر حق التظاهر، عليكم باحترامه والإخطار بمظاهرة ليس عيباً ولا قيداً ولكنه حماية للمتظاهرين وحفاظاً علي الممتلكات العامة والخاصة فعليكم باحترام القانون.
< وما رأيك فيمن يري أنه كان لا يجب إصدار القانون إلا عن طريق البرلمان القادم؟
ــ ظروف مصر لا تحتمل ذلك التأجيل لأن هناك من يريدون »فرض سيطرتهم« علي الوطن وترهيب المصريين جميعاً وأقول احترموا القانون وعندما يتم انتخاب البرلمان القادم يتقدم النواب المعترضون الآن لتعديله وهي فرصة لأننا نكون مارسنا حق التظاهر في ظل القانون وعرفنا ما له وما عليه من خلال الممارسة الصحيحة لهذا القانون، أما أن نعترض ونطلب تأجيله فالظروف الحالية لا تسمح بذلك.