الإرهاب الأسود لن يعرقل خارطة الطريق:
روشتة لعلاج خلل القوانين أمام البرلمان القادم
أبو شقة: بعض الدول التي نقلنا عنها القوانين قامت بتغييرها وتحديثها
رغم الإضطرابات التي تمر بها مصر والمشكلات والأخبار المحزنة التي تطالعنا يوميا بوجهها القبيح فإن خارطة الطريق تسير قدماً نحو المستقبل وفي خضم هذه الأحداث يجب ألا نغفل أن الانتخابات البرلمانية أقتربت ووجود برلمان مصري حقيقي بعيداً عن الحالات الهزلية السابقة أمر يحتاج إلي إستعداد من الجميع لرسم خارطة لتسير الحياة التشريعية في مصر علي نحو صحي يضمن تحقيق الحياة الكريمة للمواطن والعدالة الناجزة وسد منافذ وثغرات هروب المغرضين في ظل منظومة توضح بمنتهي الدقة الحقوق والواجبات.
»« من جانبها فتحت ملف الايام القادمة وبدأت بالتطورات القانونية التي يجب الاخذ بها والتقت في البداية مع بهاء أبو شقة القاضي والمحامي والسياسي الكبير حول الحياة التشريعية في مصر وأوجه القصور فيها فجاءت السطور التالية لتوضح أهم المواد التي تحتاج الي ثورة تشريعية لتتواءم مع تطلعات المواطنين لمصر ما بعد الثورة وتسلط الضوء أمام البرلمان القادم علي المواد التي تتعارض مع غيرها والمواد التي صدرت لتخدم أهداف أنظمة سابقة وتلك التي لم تعد مستخدمة في أي من دول العالم لأنها عفا عليها الزمن.
بداية يري بهاء أبو شقة أنه لابد من أن يعايش التشريع المجتمع الذي يطبق فيه وهذه المعايشة تعني أن يكون هناك إنسجام بين الواقع والقانون واذا حدث إنفصام بينهما كنا أمام مشكلة لا تستقيم معها المعادلة ومن المسلمات أن مصر قامت بثورتين تتمرد فيهما علي الاوضاع القائمة وإصلاح أي خلل في أي مجتمع لا يتم إلا بإصلاح القوانين التي تحكمه والتي باتت قوانين عتيقة ومعظمها يحتاج لتطوير لتخاطب مفهوماً جديداً يختلف عن الماضي والظروف التي وضعت من أجلها وعن الانظمة التي صدرت لخدمتها علي نحو بات من اللازم ووجوبا أن نكون امام ثورة تشريعية تقتضي لزوماً مراجعة جميع القوانين في المجالات كافة سواء صحة أو تعليم، زراعة، إستثمار وحتي قوانين منظومة العدالة هذا إذا كنا بالفعل نؤسس لدولة ترعي حرمة المواطنين وتحقق مصالحهم وتهدف لأن ترتقي بمستواهم ويشير د. بهاء أبو شقة الي بعض من نماذج هذه المواد في كل مجال يجب ان تكون نصب عين المشرع في المرحلة القادمة أولا فيما يتعلق بمنظومة العدالة التي تحتاج لتغيير شامل لإتسامها بالبطء الشديد سواء في المجال التجاري أوالمدني أوالجنائي فعلي سبيل المثال قوانين الناحية الجنائية المتعلقة بقانون العقوبات والذي صدر منذ سنة 1973 أي منذ سنة 1950 والقانون الذي ينظم حالات الطعن امام محكمة النقض لسنة 59 عندما نبحث في هذه القوانين التي صدرت في زمن ولي غير متواجد بكل ظروفه وملابساته وبالتالي اصبحت عاجزة أمام ما يصبو إليه المواطن الآن في تحقيق عدالة ناجزة وعادلة ففي فرنسا التي أخذنا عنها معظم هذه القوانين العقابية ومنها قانون النقض نجدها قد تداركت العيب وأوجه القصور في هذه الحزم القانونية وقامت بالتغيير علي سبيل المثال جعلت التقاضي في الجنايات علي درجتين وأن يكون هناك إستئناف في الجنايات وهو ما أطالب به في مصر وأن يكون أمام خمسة مستشارين أسوة بالنقض فلا يعقل أن تعدل الدولة التي أخذنا منها المواد ونحن نظل نسير في ركاب المواد التي تزيد من بطء التقاضي ثم نحتاج بعد ذلك أن نقوم بتعديل القانون الخاص بحالات إجراءات الطعن امام محكمة النقض وهو القانون رقم 57 لسنة 59 لنكون أمام الطعن بالنقض لمرة واحدة فإذا رفضت المحكمة أصبح الحكم باتا واذا قبلت الطعن تفصل فيه موضوعا ثم يصبح باتا أيضا وذلك تفادياً لطول الاجراءات المتبعة حالياً اذ يصدر حكم جنائي فيفاحأ المتهم للطعن أمام النقض ونظراً لتكدس القضايا قد يأخذ دور لمدة تصل الي 3 سنوات لتعود أمام محاكمة جديدة ودائرة جديدة واجراءات وتحقيقات أوجه دفاع جديدة قد تستغرق عاما آخر ثم يكون من حقه بعد صدور الحكم أن يطعن لمرة ثانية فتقوم محكمة النقض بتحديد جلسة لنظر الموضوع بعد سنوات أخري وهكذا ،وهذه الاجراءات لا تصلح أبداً في بعض القضايا التي تكون عقوبتها الجنائية لا تتعدي العشر سنوات لنفاجأ بأن الاجراءات استغرقت من الوقت سبع أو عشر سنوات بالفعل فيخلي سبيلي المتهم بعد قضاء ثلاثة أرباع المدة أو من الممكن أن تكون الطامة الكبري اذا برأته محكمة النقض بعد قضاء 10 سنوات من عمره خلف القضبان ،أبرز مثال علي ذلك قضية وزير الاقتصاد المصري السابق »الغريب« الذي قضي سنوات طويلة في الحبس ثم برأته محكمة النقض.
ويستكمل د. بهاء انه من نافلة القول أن نشير الي ان البلاد العربية أخذت بهذا النظام الجديد نقلاً عن الدول الاجنبية التي تطمح الي الديمقراطية والعدالة بينما نحن مازالنا نسير في ركاب قانون عفا عليه الزمن وحتي المصدر الذي أستقيناه منه -فرنسا- قام بتغييره بعد تدارك مدي قصوره.. والجديد بالذكر انه كان هناك تعمد طوال الانظمة السابقة لإبقاء مثل هذه القوانين علي حالها لتكدس القضايا وتحقيق بطء التقاضي لإلهاء المواطنين من جهة ولخدمة البعض من جهة أخري ولكن آن الأوان حتي نتخلص من هذه الآثار البالية لأنظمة مستبدة.
ويؤكد د. بهاء انه ينبغي لفت النظر الي شأن شديد الاهمية وهو ما طالبنا ونادينا به كثيراً بأن كل من يحكم له بالبراءة بعد قضاء أيام من عمره خلف ذل القضبان وهو يشعر بالظلم أن يحصل علي تعويض عادل عن الفترة التي قضاها خلف الاسوار مقيد الحرية رغم انه برئ بالاضافة الي رد إعتباره كتعويض معنوي في عمله وامام ذويه، وهذا النظام أخذت به عدة دول منها كندا وفرنسا وعدة دول أجنبية وعربية أما مصر فقد قامت في المقابل بإلغاء أحد أهم الضمانات القوية بالنسبة للمتهم في الاجراءات الجنائية وهو ما يعرف بمستشار الإحالة الذي أطالب بعودته لكونه حلقة وصل بين سلطة التحقيق وسلطة الحكم فلم يعد مقبولا ً أن تجمع النيابة بين سلطتي التحقيق والاتهام بل والاحالة للجنايات دون وجود سلطة أعلي منها تبحث القضية وتحقق مع المتهم بدلاً من أن ترسل القضية بها قصور لا يمكن تلافيه أمام محكمة الجنايات خاصة في ظل وجود المادة 294 من قانون الاجراءات التي تقول بأنه بعد إحالة القضية للجنايات لا تملك المحكمة إعادتها الي النيابة لاستيفاء أي قصور وإلا شابهها البطلان.
كذلك ما يتعلق بالاسراف في كتابة المحاضر والتي تأمر النيابة علي أثرها بضبط المذكور وتفتيش مسكنه وهو ما يشكل مساسا بسمعة المواطن والتشهير به بين جيرانه وقد يكون في النهاية أمر كيدي أو وهمي أو أحداً الاعيب بعض المخبرين الفاسدين لتصفية حسابات وغيره فالمفترض أن يعود الامر الي سابق عهده الذي كان ينص علي أن التفتيش عمل من أعمال التحقيقات لابد أن يكون مسبوقاً بعمل تحقيق مفتوح يدل علي تورط الشخص وهذا ما هم وتبع في كل دول العالم حيث أن تعريض سمعة الناس للتشهير أو تعريضهم للذعر والخوف ليس بالامر الهين خاصة ما يتعلق بالمساس بالسمعة والشرف في مجتمعنا.
ويستكمل د.بهاء أنه ضمن أهم المواد التي تحتاج الي تعديل هي المواد من 112 الي 119 من قانون العقوبات والتي تتعلق بالمال العام والموظف العام للدولة والتربح حيث تضع مفاهيم واسعة ومطاطة للمال العام والاعتداء عليه كما يوجد بها خلط شديد في حالات المشترك بين الدولة والملكيات الخاصة حيث إنه يعامل علي كونه مالا عاما ككل وهو ما لا يجوز كذلك تعريف الموظف العام المتسع بدرجة لا يمكن تداركها والموضوع يشكل غموضا أكثر مما يجب وبالنسبة للمواد المتعلقة بالتربح وهي 511 والتي يمثلها نصاً فضفاضاً يقضي بمعاقبة كل موظف حقق لنفسه أو لغيره منفعة وهذا غير عادل فمن المفترض ان المستثمر او رجل الأعمال جاء يحصل علي التأشيرة ليحقق مكسبا ومنفعة وليس ليخسر اذن كيف نعاقب الموظف لأنه منحه تأشيرة تحقق له منفعة وربحا إذن ما جدوي لجوءه للحصول علي التصريح وهذا النص يفتح الباب أمام بيروقراطية الموظف وتجعله يرفض اي عمل ليظل في المساحة الأمان فإعمال النص بالصورة الحالية يقود لنتائج غير منطقية ولابد ان يتم تعديله بأنه في حالة توافر خطأ جنائي وتكون له مصلحة دفعته الي تربيح الغير وليس لمجرد انه اعطي تأشيرة لمستثمر حقق من خلالها مشروعا مربحا وهو الطبيعي فيجد نفسه والمستثمر أمام محكمة الجنايات وهذه المواد وغيرها تدفع المستثمرين للهروب من مصر بل واللجوء للمحكمة الدولية للحصول علي حقوقهم التي يخسرونها بفعل أحكام القوانين المصرية فضلاً عن التعويضات الهائلة التي يطلبونها وتحكم لصالحهم المحكمة الدولية لثبوت عقم القوانين المصرية في معظم الحالات ففي مختلف دول العالم لا يوجد قانون يؤثم شخصا علي علاقة تعاقدية وبرغم ان مصر قامت بالتوقيع في العهد الدولي عام 0691 علي ذلك ولكن لم تنفذ ذلك ومازالت تحاسب المستثمر الذي يتقاضي في خصومة مع الدولة أمام محاكم الجنايات بينما من إذا اختصم مع أي قطاع خاص فيحاكم أمام محاكم مدنية وبالطبع أي مستثمر ينفر بشدة من هذا الازدواج ومن فكرة مثوله أمام محكمة جنايات كالمجرمين مرتكبي الجرائم .. لذلك لابد من مراجعة شاملة للمواد المتعلقة بالعلاقات التعاقدية وإلا سنواجه بأحكام دولية خطيرة قد تتسبب في الحجز علي اي أموال لنا بالخارج .
كذلك القوانين المتعلقة بالزراعة واستصلاح الأراضي والتي تحكمها الكثير من القوانين المتعارضة والتي تسمح بمرور بعض المغرضين مثل القوانين الخاصة بالأراضي الصحراوية واستصلاحها والتي تتعارض بشدة مع القوانين الزراعية فيستغل البعض هذا التعارض الذي يسمح لهم بالافلات فأحد القوانين تجرم والآخر يسمح بالأمر فنجد الكثير من رجال الأعمال يحصلون علي الأرض بغرض الاستصلاح ثم يحولونها الي منتجعات ومدن سياحية وهو القانون 341 لسنة 2891 وهو المتعلق بالأراضي الصحراوية والذي يتعارض مع قوانين الأراضي الزراعية وهذا الأمر يحتاج الي تشكيل لجنة من المختصين في كل وزارة وكذلك من الفنيين لفحص اللوائح والقوانين وإيجاد أوجه القصور والتعارض وإعداد مشروع قانوني علي يد متخصص قانوني لكل لجنة حتي نكون أمام مشاريع قوانين جاهزة تقدم عندما يبدأ البرلمان القادم عمله.. ويشير د.بهاء إلي ان منظومة الصحة لا يمكن ان نغفل كونها تئن بسبب وجود حزمة من القوانين البالية غير المنطقية وعلي رأسها عدم وضع قوانين تمنع استفادة الأجنبي من المستشفيات الحكومية وألا يستفيد منها الا المشتركين في التأمين الصحي فغير معقول ان تهدر الدولة مليارات تحت مسميات تطوير المستشفيات وتوفير الدواء ليستفيد الأجنبي أو غير المستحق به و كذلك لابد الا يستفيد الأجانب من الخبز المدعم والبنزين وغيره لأن الدولة غير ملزمة به.. كل هذه القوانين وغيرها تحتاج لنسف شامل وإلا سندور في نفس الفلك ونتأخر كثيراً عن العالم الذي يتقدم من حولنا.