فقهاء القانون اختلفوا.. مع انتهاء قانون الطواريء
"المخلوع".. بين العودة للحبس الاحتياطي.. وتوديع السجن
و"المعزول" محبوس.. محبوس.. بلا حد أقصي
توابع انتهاء العمل بقانون الطواريء اليوم.. متعددة أهمها ما يرتبط بالاقامة الجبرية للرئيس المخلوع حسني مبارك والتي تنتهي بانتهاء حالة الطواريء وبالتالي فان التساؤل: هل ينطبق تعديل قانون الاجراءات الجنائية الذي الغي الحد الأقصي لمدة الحبس الاحتياطي في القضايا التي عقوبتها الاعدام والمؤبد علي "مبارك" ويخضع للحبس الاحتياطي أم لا يجوز تطبيق القانون بأثر رجعي في وضع اجرائي للمتهم اكتسبه قبل صدوره وبالتالي يحق له أن ينعم بالحرية خارج أسوار السجن علي ذمة القضايا المتداولة امام المحاكم.
المفاجأة..أن فقهاء القانون ورؤساء المحاكم اختلفوا في الأمر ولكل فريق أسانيده.. فريق يري أن الافراج عن الرئيس المخلوع لتجاوز مدة حبسه لا يسلب سلطة محكمة الجنايات في اعادة القبض عليه وحسبه احتياطياً.. بينما يري الفريق الآخر عدم رجعية القوانين وعدم جواز تطبيق تعديل قانون الاجراءات اللاحق للإفراج عن مبارك في نفس الوقت لم يوجد خلاف حول خضوع الرئيس المعزول مرسي للحبس الاحتياطي دون حد أقصي لفترة حبسه لأن الاتهامات المنسوبة إليه عقوبتها الاعدام والمؤبد.
"القضية المتداولة"
المستشار عادل أبوالمال رئيس محكمة جنايات القاهرة يقول: أن قضية مبارك مازالت منظورة امام القضاء في ظل سريان تعديل المادة 143 من قانون الاجراء الجنائية والتي فتحت الحد الأقصي للحبس الاحتياطي فيما يتعلق بالجرائم التي عقوبتها الإعدام أو المؤبد والذي كان مقيداً قبل التعديل بمده عامين وللمحكمة حرية التقدير في تطبيق النص في حبس مبارك احتياطياً اذا رأت في ذلك موجبا أو داعيا من عدمه حسب ما يترأي لها من أوراق الدعوي ومدي تأثير المتهم علي الأدلة وترجيح خروجه من عدمه.
ويضيف أن تصريحات د.الببلاوي رئيس الحكومة في هذا الشأن صادرة عن رجل اقتصادي ليس مختصاً بالنواحي القضائية والقانونية لا يجب التوقف عندها كثيراً.. مؤكداً أن لا أحد يستطيع التدخل في عمل القاضي أيا كان وللأمانة لا توجد أي محاولات للتدخل في أعمالنا كقضاه.
"تعديل القانون"
وفي ذات السياق يؤكد المستشار عزمي البكري أن القانون رقم 83 لسنة 2013 الذي عدل الفقرة الأخيرة من المادة رقم 143 من قانون الاجراءات الجنائية بجعلها تنص علي "ومع ذلك فلمحكمة النقض ومحكمة الإحالة اذا كان الحكم صادراً بالإعدام أو بالسجن المؤبد أن تأمر المحكمة بحبس المتهم احتياطياً لمدة 45 يوماً قابله للتجديد دون التقيد بالمده المنصوص عليها في الفقرة السابقة وقد نص هذا القانون علي العمل به اعتباراً من اليوم التالي من تاريخ نشره أي يعمل به اعتباراً من 24 ديسمبر 2013.. لذلك فان كانت محكمة الاحالة أمرت بالافراج عن الرئيس الأسبق حسني مبارك لتجاوز مده حبسه مدة السنتين فان هذا لا يسلب سلطة المحكمة في إعادة القبض عليه وحبسه احتياطياً عملاً بالنص الجديد وسندنا في ذلك أولاً أن الحبس الاحتياطي ليس عقوبة في حد ذاته توقع جزاء لجريمة حتي يمكن الدفع بما تنص عليه المادة 14 من الإعلان الدستوري التي تنص انه لا عقاب إلا علي الأفعال اللاحقة من تاريخ سريان القانون كما لا يمكن الدفع بالمادة الخامسة من قانون العقوبات والتي تقرر أنه اذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره..!
وأضاف والحبس الاحتياطي فضلاً عن أنه ليس حكما فإنه ليس إجراء من إجراءات الدعوي وإنما إجراء تحفظي تأمر به النيابة أو المحكمة فضلاً عن أن محكمة الاحالة تنظر الدعوي كأنها تنظرها أول مره ولها اتخاذ اجراءات التحقيق التي تراها لازمة للفصل في القضية حيث نصت المادة 380 اجراءات أن لمحكمة الجنايات في جميع الاحوال أن تأمر بالقبض علي المتهم واحضاره ولها أن تأمر بحبسه احتياطياً وأن تفرج عنه بكفاله أو بغير كفالة من المتهم المحبوس احتياطياً.. فسبق اخراج محكمة الجنايات عن مبارك لا يمنع من حبسه احتياطياً.. أما عن موقف الرئيس المعزول أكد المستشار البكري أن تطبيق تعديل قانون الاجراءات الجنائية لا يثير أي شبهة علي الرئيس السابق محمد مرسي حيث لم يكتمل مده حبسه الاحتياطي لأقصي المده التي صدرها القانون قبل تعديله وحيث ان الاتهامات المنسوبة إليه عقوبتها الاعدام أو المؤبد وبالتالي لا يوجد حد أقصي لمدة حبسه احتياطياً علي ذمة تلك القضايا.
"الأثر الفوري"
وفي الاتجاه المقابل يري الدكتور محمود كبيش عميد كلية حقوق القاهرة فور انتهاء المده المحددة لسريان قانون الطواريء لابد من اخلاء سبيل مبارك من الاقامة الجبرية وأولا يخضع للحبس الاحتياطي لأن التعديل الذي تم في قانون الاجراءات الجنائية في المادة 143 يطبق بأثر فوري بعد صدور القانون وليس بأثر رجعي كما لا يجوز القانون لاحقا أن يعدل في وضع اجرائي اكتسبه المتهم في وضع قانون معين خصوصاً اذا كان الأمر ماسا بالحرية ومن يجادل في ذلك عليه الرجوع إلي مراجع الدكتور محمود نجيب حسني في مدي امكانية رجعيه القوانين الاجرائية علي الماضي ويؤكد د.كبيش أنه حزين ان تحدث رده عن التطور التشريعي الذي أحدثه المشروع المصري عام 2007 بوضع حد أقصي للحبس الاحتياطي في كل الجرائم لحماية حقوق وحريات المواطنين ولا يجوز أن يتم وضع تشريع لمواجهة حالات خاصة أؤ أشخاص معينين.. وأشار انه ليس هناك نظام قانوني لدينا لتعويض المحبوس أو مواجهة الآثار الضارة التي تترتب في حق المتهم عند حصوله علي البراءة بعد قضاءه مده حبس احتياطي.
"لا رجعية للقوانين"
المستشار السيد أبوالقاسم رئيس محكمة جنايات الجيزة يؤكد أن تعديل قانون الاجراءات الجنائية أطلق يد المحكمة في مده الحبس الاحتياطي في القضايا التي عقوبتها الاعدام والمؤبد بحيث أصبحت مدته غير محددة وبحسب ظروف القضية لأن هناك قضايا تحتاج إلي تحقيقات وتقارير طبية شرعية وتقارير لجان وفحص وتستغرق اكثر من المده المقررة للحبس.
وأشار إلي أن تطبيق ذلك التعديل علي القضايا المتداولة أمام المحاكمة قبل صدوره له اتجاهات فقهية مختلفة.. فالقانون يطبق بأثر فوري علي الوقائع التي تحدث بعد صدوره فلا رجعيه للقوانين إلا اذا نص القانون علي ذلك ولكن في كل الأحوال فان محكمة الجنايات تنظر القضية والمتهم يمثل امامها حتي لو كان مفرج عنه وهي التي تتصرف بشأن حبسه اما تأمر بحبسه احتياطياً أو الافراج.
"إنتهاء الطواريء"
الدكتور شوقي السيد الفقيه الدستوري يؤكد ان حالة الطواريء تنتهي اليوم 14 نوفمبر ويترتب علي ذلك عدم تطبيق قانون الطواريء الذي كان يسمح بصدور في الاجراءات الاستثنائية مثل حظر التجوال وتحديد محل الاقامة والتحفظ في مكان أمين ومنع التنقل وغيرها.. وبانتهاء حالة الطواري يرفع الحظر وتنتهي اقامة مبارك الجبرية بعد ان افرجت عنه المحكمة بعد استنفاذه الحد الأقصي للحبس الاحتياطي الذي كان قائما وقتها بقرار قضائي في القضية التي كانت تنظرها وبالتالي فهو مطلق السراح لا يستطيع أحد بعد سقوط حاله الطواريء أن يحدد اقامته ولا يخضع للتعديل الذي تم في قانون الإجراءات فلا ينطبق عليه التعديل. بأثر رجعي لأنه صدر بعد أن افرج عنه والأمر في النهاية أمام المحكمة دون غيرها.