رغم تأكيد الحكومة عدم تمديدها
حالة الطوارئ »عين في الجنة وعين في النار«
التگاليف الباهظة للاستفتاء تحول دون التمديد..!
رغم إعلان الحكومة أنه ليس لديها نية مد حالة الطواريء بعد انتهاء فترة الثلاثة شهور المحددة في الاعلان الدستوري يوم 14 نوفمبر المقبل بما يبدد مخاوف اللجوء لاستفتاء الشعب علي هذا المد بتكلفته السياسية والمادية الضخمة وتأثيره السلبي علي الاستقرار والاقتصاد والاستثمار، إلا أن الجدل محتدم ومازال حول الموقف العام منها ، وهل كان من المناسب استمرارها حتي استقرار الأمن وهدوء الشارع المصري وعودة الحياة لطبيعتها ؟ أم أن عدم تمديها هو الأفضل وماتأثير الاختيارين علي موقفنا الدولي؟
نورد في السطور التالية آراء عدد من القانونيين والسياسيين.
يقول وزير الشئون القانونية والتنمية المحلية الأسبق المستشار د. محمد عطية والذي كان رئيسا للجنة الاستفتاء علي الاعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2012 أنه كان واثقا من عدم اللجوء للاستفتاء لعلم المسئولين بالتكلفة المالية الباهظة التي تقارب 300 مليون جنيه والجهد والمشاق اللذين يبذلان من أجل إنجاحه ، إلي جانب أن الشعب غير مهيأ نفسيا له والظروف التي نمر بها حاليا لاتسمح . وفي رأيه أن مصر ليست في حاجة لفرض حالة الطوارئ لتطبق السلطات قانون الطوارئ فلدينا قانون العقوبات التي تواجه مواده كل جرائم الترويع والبلطجة والعنف والإرهاب بعقوبات تصل للإعدام وعلينا تطبيقه بحسم مع تفعيل كل القوانين الأخري وعندئذ لانحتاج للطوارئ التي تعطي للعالم الخارجي صورة سلبية عن الحياة في مصر .
مصلحة الوطن أولويتنا
أما المستشار أمير رمزي رئيس محكمة جنايات شبرا الخيمة فيعلن أننا تجاوزنا انتقادات وآراء العالم الخارجي لاكتشافنا مدي انحياز دوله واهتمامها بمصالحها فقط دون أي اعتبار لمصالحنا فلم نعد نهابه ولاتاثيرله علينا فهو لايهمنا في شيء الآن ومصلحة وطننا هي أولويتنا الحالية . ويقول أن الذي أشار علي الحكومة بإنهاء حالة الطوارئ بعد استنفاذ مدتها الدستورية فعل بها خيرا لأنها لاتطبقها ولاتلجأ لقانونها لبسط سيطرتها الأمنية علي الوجه الصحيح الذي كان ينتظره الشعب منها الذي هوأيضا مسئول عن الفشل الذي تم بعدم التجاوب مع الحكومة والالتزام بتطبيق متطلبات حالة الطوارئ . ويلفت النظر إلي أن حظر التجوال مرتبط كليا بإعلان حالة الطوارئ ولكنه يؤكد أن المشكلة ليست في ذلك وإنما في الرخاوة التي تبديها الحكومة الانتقالية نحو ضبط الشارع المصري وإنهاء الفوضي والقضاء علي الإرهاب الذي يطل بوجهه القبيح في أماكن عدة والتي كان من الممكن أن يساعدها في ذلك كله حظر التجوال بالتشدد في الالتزام بمواعيده . ومن هنا فهو يري أنه قد يتم تجديد حالة الطورائ بعد فترة توقف إذا اضطرتنا الظروف لها وإن كان لايحبذ ذلك فمعناه أن فشل الحكومة سيكون مستمرا ، لذلك فهو يطالبها بالحزم في التعامل مع الخارجين علي القانون الذين يروعون الشعب ويسيئون للثورة.
لا إنجازات للطوارئ
ويبدي المحامي بالنقض والدستورية العليا عصام الاسلامبولي اعتقاده بأن الرئاسة هي صاحبة قرار عدم التمديد بناء علي التقارير الأمنية والسياسية التي رفعت لرئيس الجمهورية فاستشف منها عدم جدوي مد الطوارئ خاصة أن ذلك يستدعي تعديلا في الإعلان الدستوري أو إصدار آخر مكمل أو اللجوء للاستفتاء والجو العام غير مناسب لأي إجراء من الثلاثة ، ويستغرب - شأنه شأن الكثيرين جدا مثله كما يؤكد - أن الحكومة لم تطبق قانون الطوارئ رغم أن حالة الطوارئ أعلنت خصيصا للقيام بذلك ومن هنا فمازال كل شيء فرضت الطوارئ من أجله موجودا. ويؤكد أنه لايعيبنا كدولة فرض الطواريء أو تمديدها فكل الدول تفعل ذلك لو واجهت مثل أوضاعنا التي نعيشها حاليا وأجبرت علي ذلك مراعاة لمصالحها ومصالح مواطنيها والمجتمع بصفة عامة ، والولايات المتحدة الأمريكية تمدد سنويا حالة الطوارئ فيها منذ تعرضها للإرهاب في 11 سبتمبر 2011.
الحل سياسي لا أمني
ويعبر عضو مجلس الشعب السابق د. شعبان عبد العليم أمين عام مساعد حزب النور عن رأي حزبه بالقول أننا طلبنا من الحكومة مرات عديدة إنهاء حالة الطوارئ قبل موعدها المفترض علي اعتبار أن ذلك سيبعث رسالة طمأنينة مهمة للعالم الخارجي تحمل وجود الاستقرار في مصر . وكان رأينا- ومازال - أن الاستقرار الذي ننشده يحتاج إلي حل سياسي وليس حلا أمنيا ومن هنا فلا حاجة لنا إلي قوانين استثنائية تفرض علينا ولدينا قوانين راسخة تقوم مقامها ، خاصة أن حالة الطوارئ التي فرضها مبارك قسرا علينا لمدة 30 عاما لم تقدم الحماية المطلوبة لنظامه ولم تؤد أية فائدة للدولة أوالشعب . إننا نصر علي مطالبة الحكومة المؤقتة باللجوء للحلول السياسية في مواجهة مشاكلها خاصة أن معظم أعضائها ينتمون لجبهة الإنقاذ التي هاجمت بشدة إعلان النظام السابق حالة الطوارئ في بورسعيد ومدن القناة مطالبين بحل سياسي يتنكرون له الآن ، وإذا كانت هذه الحكومة - وهي حزبية - غير قادرة علي حل مشاكلنا بغير الأسلوب الأمني المرفوض وفرض الطوارئ لتطبيق قوانين استثنائية بمحاكم استثنائية - وهذا شيء خطير جدا وصادم - فعليها أن تترك الحكم لتتولي حكومة مستقلة إدارة دفة البلاد تكون قادرة علي العبور بها إلي شاطئ الأمان.
البـديـل
ويتفق د. طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مع الرأي السابق جزئيا في أن الحكومة الحالية تفتقر للخبرة السياسية وعدم توافق أعضائها تجاه حل المعضلات التي تواجهها والخلاف الذي أصبح واضحا بينهم ، ويحد كل ذلك من القدرة علي اتخاذ الإجراءات الواجبة في الوقت المناسب وإصدار القوانين المطلوبة للمرحلة التي نعيشها بدون تأخير . ولأن استمرار حالة الطوارئ تكلفته المادية والسياسية باهظة ولاتسمح بهما ظروفنا فإن البديل أمام الحكومة هو سرعة إصدار قانوني مكافحة الإرهاب وتنظيم حق التظاهر وإزالة الخلافات وتوحيد الرؤي والتوافق داخل اجتماعاتها والحزم دون تردد في اتخاذ قرارات مؤثرة، فهي حكومة أمر واقع انتقالية ، يجب أن تتسم بالجرأة في معالجة الأمور وإيجاد حلول مبتكرة واتخاذ خطوات جادة تساعد علي الوصول للاستحقاقات الخمسة المطلوبة منها في توقيتاتها المحددة ، وهذه أولويات قصوي تبدأ بإنهاء عمل لجنة الخمسين الذي تشعبت النقاشات فيها بما يهدد إنجاز العمل المكلفة به في المدة المحددة لها ، ومن ثم تحديد موعد الاستفتاء والإشراف علي الإعداد له ، وإصدار الدستور بعد موافقة الشعب عليه ، ثم الإشراف علي انتخاب مجلس النواب ، وإجراء الانتخابات الرئاسية ، وانتخاب مجلس الشوري إذا كان الدستور سيقره ، وبذلك يكتمل تنفيذ خارطة المستقبل دون انحراف .
سؤال مهم للحكومة
ويقول د. فهمي أنه بدلا من الانشغال بحالة الطوارئ فيجب علي الحكومة أن توضح بشفافية موقفها الصريح من المفاوضات مع الطرف الذي يعتدي يوميا علي المجتمع وأفراد الشعب والمصالحة معه لأن تسريبات عن نقاش يجري مع الدولة من خلف أبواب مغلقة يتم الترويج لها وأنه إذا لم يتم الاتفاق قبل تاريخ محاكمة الرئيس السابق مرسي فستتم أعمال عنف غير مسبوقة ، ونحن كمتخصصين نعلم أن ذلك يهدف لتعلية سقف المطالب للاستفادة بها علي مائدة المفاوضات التي يأملونها ، ولذلك علي الحكومة أن تحسم موقفها .. هل تعجل خطواتها في طريق تنفيذ استحقاقاتها ؟ أم تتوقف أمام العرقيل داخل قاعات مجلس الوزراء؟ هذا هو السؤال المهم الذي يجب أن تجيب عنه حكومة د. الببلاوي قبل فوات الأوان لتوقف البلبلة في الشارع وتتحدد خطواتنا بدون أن ننظر بعين للجنة وأخري للنار!