عزرائيل الأسفـــــلت
13 ألف قتيل و60 ألف مصاب سنوياً بسبب حوادث الطرق !
المجلس الأعلي للمرور لم يجتمع مرة واحدة منذ إنشائه عام 2891 !!
أكدت الإحصائيات أن مصر تعيش حالياً كارثة مرورية مفزعة بعد أن وصل عدد القتلي سنوياً لأكثر من 13 ألف قتيل و60 ألف مصاب بجانب تحطم الآلاف من السيارات وتلف الطرق والكباري هذا ما جعل مصر تنفرد بالمركز الأول عالمياً في حوادث الطرق وأشارت دراسات حديثة أن معدل الحوادث بلغ 1682 حادثة لكل 100 ألف مواطن وذلك يعني أننا في أشد الاحتياج لوضع خطط عاجلة حقناً لأرواح ودماء المصريين بعد ان شعر المواطن المصري انه اصبح داخل بؤرة الخطر والموت سواء كان مترجلاً أو مستقلاً سيارته الخاصة.
وبدون شك هذه الحوادث لها أضرار فادحة علي الاقتصاد المصري بلغت حوالي 17 مليار جنيه سنوياً.
وفي الاسبوع الماضي راح نتيجة حادثي تصادم ما يزيد علي 60 مصرياً فضلاً عن عدد كبير من المصابين ولذا فإن أسباب ازدياد حوادث الطرق أصبحت تشكل لغزاً غامضاً يحتاج منا إلي المصارحة والمكاشفة لعلاج عزرائيل الذي يعشش علي معظم طرقات وشوارع مصر.
يقول اللواء مجدي الشاهد مساعد أول وزير الداخلية للمرور السابق إن حوادث المرور لن تتوقف وسوف يستمر عزرائيل الأسفلت في حصد الأرواح فالمجلس الأعلي للمرور والذي أنشيء بقرار جمهوري عام 1982 ويضم كل الوزارات والهيئات والمؤسسات ذات الصلة بالمرور والطرق ويختص برسم السياسة العامة للمرور والنهوض بالحركة المرورية لم يجتمع ولو مرة واحدة حتي الآن وهذا أدي لغياب الاستراتيجية العامة للمرور وبالتالي ظلت طوال هذه الفترة في غرفة الانعاش وأدي ذلك إلي عدم تواجد أي استراتيجيات فرعية سواء علي مستوي محافظات مصر أو إدارات المرور.
ويضيف ان الزيادة المرعبة في عدد القتلي والمصابين جراء حوادث الطرق ترجع إلي ضعف التشريع المروري الذي صدر وطبق في الأول من أغسطس عام 2008 برقم 821 ونص علي التصالح بدفع نصف الحد الأدني للغرامة المقررة للمخالف وترتب علي ذلك انقضاء الدعوي الجنائية بمعني عدم عرض المتهم علي مباحث المرور أو النيابة العامة أو المحكمة المختصة واستطرد أن هذا القانون كارثي بمعني الكلمة حيث سمح لأول مرة في التشريعات الخاصة بالمرور بالتصالح ويكفي القول إن المتهم سيدفع 50 جنيه غرامة في حالة عدم استخراجه رخصة قيادة وبذلك يستطيع كل من هب ودب ان يقود سيارة بدون مستندات بل وكانت الطامة الكبري التي ادت الي زيادة حوادث الطرق عندما تولي الدكتور إبراهيم الدميري أيام مبارك وزارة النقل وأصدر قراراً برقم 28 لسنة 2000 وسار وزراء النقل بعده علي نفس هذا القرار الذي يسمح لسيارات النقل والنقل بمقطورة السير بكامل الحمولة المخالفة للحمولة المقررة حتي ولو وصلت إلي 100 طن مقابل دفع رسوم قدرها 20 جنيهاً علي الطن علي أن يتم تحصيل كامل الرسم إذا تجاوز الساعة 12 ليلاً من القاهرة إلي أسوان.
وأشار إلي أن السير بكامل الحمولة والسرعة الرهيبة أديا إلي تدمير وإتلاف الطرق بدلاً من رفع كفاءتها وصيانتها وكانت النتيجة المزيد من حصد الأرواح لتصبح حياة المواطن رخيصة حيث لا تتجاوز عقوبة من يقلها ثمن 2 كيلو لحمة.
ويشير اللواء مجدي الشاهد ان حوادث المرور سوف تستمر مادام هناك العيبً خطير والمستمر ألا وهو عنصر المخالفة المرورية التي تحرر حالياً ضد مالك السيارة وليس علي المخالف وبالتالي مالك السيارة لا يعلم أي شيء عن المخالفات التي ارتكبت علي الطرق إلا عند توجهه إلي وحدة المرور لتجديد الرخصة وهذا جعل من يقودون السيارات يعيشون في حالة استرخاء ولا مبالاة مادام مالك السيارة هو من سيدفع في النهاية وبذلك ومهما فعلت الدولة للنهوض بالمرور واتخاذ اجراءات تفادي الحوادث فلن يحدث أي تقدم طالما استمر عنصر تحرير المخالفات بهذه الطريقة.
وأكد أن الوقت قد حان لمطالبة الحكومة والمسئولين بالدولة بسرعة إنشاء وزارة للمرور تقتطع من وزارة النقل والطرق والكباري والتي تمثل كنز علي بابا وتقتصر عمل وزير النقل فقط علي السكك الحديدية ومترو الأنفاق الذي بدا عليه التهالك كما يتم اقتطاع مديريات المرور من هيكل وزارة الداخلية وهيئة النقل العام من محافظة القاهرة حيث أصبح السائقون يطالبون من وقت لآخر بنقل تبعيتهم لوزارة النقل وعندما يتم ضم هذه القطاعات في وزارة واحدة يطلق عليها وزارة المرور سنري خدمات مرورية مميزة وكذلك عمل مثمر داخل وحدات التراخيص وانسياب وسهولة الطرق ورقابة صارمة علي جميع الشوارع والمحاور والمدن والمحافظات لأننا سوف نعتمد وقتها علي وضع استراتيجيات عامة مرورية محددة الهدف ومعها يغيب الزحام المروري وتقل حوادث الطرق بشكل كبير بعد أن تبين أن الطرق السريعة حدث بها أكبر معدل خطورة بواقع 4.2 متوفي أو مصاب لكل حادثة عام 2013 واستأثرت محافظة الشرقية علي لقب أكبر محافظة تحصد حوادث المرور الأرواح بها بعد القاهرة والجيزة وبلغت 7.9٪ بينما جاءت الأقصر كأقل المحافظات في الحوادث بنسبة 0.7٪.
القتل العمدي
ويشير المستشار محمد داود القصاص الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة أن المشرع قد وضع قوانين عديدة للمرور بشكل جيد ولكن في حوادث الطرق والتي يقع فيها قتلي فدائماً تترك مأساة فاجعة علي الأسر حيث توقع عقوبة القتل الخطأ علي السائق القاتل وعقوبتها في المادة 238 من قانون العقوبات الحبس 3 سنوات وهي أقصي عقوبة وشهر كحد أدني والمعروف أن محامي السائق المتهم يحاول دائماً ان يجد ثغرة بالرسم الكروكي للحادث كما يبين ان القتل قد تم من خلال خطأ وقع فيه القتيل ويستطرده ولهذا أشعر بالحزن علي سقوط آلاف القتلي علي الأسفلت بالطرق والمحاور المرورية بسبب السرعة الجنونية لأصحاب المركبات وبالذات سيارات النقل والميكروباصات وغيرهم لهذا أري ضرورة تشديد العقوبة علي كل من تسبب عن طريق الخطأ أو الرعونة قتل إنسان ليتم توصيف تلك القضايا بالقتل العمد بدلاً من وصفها في محاضر النيابات بالقتل الخطأ.
وضاعت الأرصفة
وترجع الدكتورة ناجية عبدالمغني سعد نائب رئيس جمعية التسلح الخلقي مآسي الطرق من قتلي ومصابين إلي العنصر البشري وتقصد السائقين لأن السيارات أدوات صامتة بينما السائق عنصر بشري يحس وينبض ويتنفس بالعواطف والعقل لهذا تري أن أغلب السائقين لا يلتزمون بالسرعات المحددة لهم و30٪ من سائقي سيارات النقل يتعاطون المخدرات أو المنبهات حتي يستطيعوا القيادة لمسافات طويلة وفترات زمنية كبيرة ومعهم تحدث مآسي الطرق لأنهم لا يحترمون قواعد وأخلاقيات المرور ودائماً ما نجدهم يسيرون عكس الاتجاه أو التوقف كما يشاءون وبشكل عشوائي ولا رقيب ولا سميع والتحدث في الموبايل أثناء القيادة.
وأشارت الدكتورة ناجية أننا في مصر نعيش ما يسمي بالشوارع المقلوبة بمعني أن الشوارع تحولت في كل المحافظات إلي جراجات وخرجت السيارات إلي الشوارع وضاعت الأرصفة واختلطت السيارات بالناس ومعهما كثرت حوادث القتل والمصابين بالطرق في ظل فوضي في المخططات العمرانية بمطبات هندسية معيبة للطرق والشوارع وعدم وجود اضاءات أو لافتات ارشادية التي توجه السائقين وكذلك اظلام أعمدة الانارة.
الظروف المعيشية
ويشير الدكتور سعيد عبدالعظيم أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة وعضو الجمعية العالمية للطب النفسي ان مشكلة حوادث القتل علي الطرق أصبحت تؤرق الحكومة والمسئولين والناس في مصر بعد أن أصبحت حديث الناس صباحاً ومساء لوجود أعداد هائلة من القتلي والمصابين علي الطرق بسبب السيارات التي تحصد الأرواح لافتقاد قائدي السيارات، كل القواعد والآداب المرورية ونقصان الحكمة والمرونة والتحلي بروح المسئولية والقيم الجميلة بعد ان سيطرت علي انفعالاتهم وأعصابهم الظروف المعيشية.
ويضيف.. كل يوم نسمع عن سقوط قتلي وضحايا من كل الأعمال وبدون الردع والكف عن هذه السلوكيات السيئة في القيادة لن يتوقف نزيف الطريق لأن كل قائد سيارة يتصور أنه ملك الطريق بنفسه ولنفسه بسبب أنانيته الذاتية ومعها نسمع عن قتلي الطرق.
طريق القاهرة الإسكندرية
ويري اللواء سمير الكاشف مساعد وزير الداخلية الأسبق.. أن نزيف الأسفلت الذي يحدث كل دقيقة يعطي مؤشراً خطيراً لحياة المواطنين التي أصبحت غير آمنة خاصة بعد أن أكدت الاحصائيات أن 80٪ من هؤلاء القتلي والمصابين أعمارهم تقل عن الأربعين و60٪ من القتلي من المشاة مما يعطي انطباعاً أن هؤلاء القتلي والمصابين وقع عليهم الضرر من قائدي السيارات الذين فقدوا البصر والبصيرة واحترام القواعد والقوانين.
وأشار إلي أن طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي جاء في المركز الأول لحوادث القتل وبعده طريق - الإسكندرية الزراعي وجاءت سويسرا كأقل الدول في قتلي حوادث المرور لقوة قوانينها وحرمة تطبيقه علي الجميع بميزان عادل وواحد وقلة عدد السكان ونظافة الطرق وتكنولوجيا المرور الكترونياً.
خسارة للسياحة
وأوضح الدكتور رشاد عبداللطيف أستاذ علم الإجتماع بجامعة حلوان أنه تلاحظ له خلال السنوات الأخيرة ارتفاع مؤشر حوادث القتل بالطرق وهذا الأمر خطير ويحتاج إلي علاج سريع حيث التراخي فيه سيؤدي إلي خسائر فادحة علي الاقتصاد المصري بعد أن أشارت الاحصائيات إلي أن الاقتصاد المصري يتعرض سنوياً لخسائر قدرت بحوالي 17 مليار جنيه سنوياً بسبب حوادث القتل والمصابين وترجع في المقام الأول لغياب الرقابة الأمنية وتجاوز السرعة وسير سيارات النقل نهاراً.. والخسائر ليس في عدد القتلي فقط إنما هناك خسائر في السيارات وتكاليف علاج المصابين وما ينتج عن يتم الأطفال وترمل النساء.. وأضاف أن حوادث الطرق أثرت أيضاً علي السياحة في مصر المنهارة أساساً وأدت إلي هروب أعداد كبيرة من السائحين.
التعليم والحوادث
أما السيدة سهير كامل مديرة مدارس بالتعليم الأساسي سابقاً تري أنه يجب أن يكون لوزارة التربية والتعليم دور أساسي وفعال للطلاب في جميع مراحل التعليم بحيث يتعلم النشء قواعد وأخلاقيات وثقافة المرور وتقديم التوعية لهم بالمعارض الفنية لتوضيح أهمية الشارع والسيارة ورجل المرور في حياته بجانب ضرورة عمل مسابقات فنية من مسرحيات وأغان تدعو إلي الحفاظ علي قيم وأخلاقيات الشارع والسلوكيات الواجب اتباعها للحفاظ علي الطريق دون حوادث وقتلي ومصابين.. وقتها إذا نجحت وزارة التربية والتعليم في دعم منظومة السلوكيات في الطلاب سيتغير السلوك المروري مع السنوات القادمة ومعها حوادث القتل علي الطرق المختلفة.
سيارات بدون صيانة
وأكد الدكتور محمود يسري حسن رئيس اللجنة العليا للتنسيق الحضاري وأستاذ التخطيط العمراني بجامعة القاهرة.. أن منظومة المرور والحركة عادة تتكون من عدة عناصر وهي السيارات والمشاة والمرور والطرق والسائقون وأري أنهم أخطر هذه العناصر هم السائقون الذين يتسببون في 85٪ من حوادث الطرق بل أستطيع أن أقولها بالفم المليان إنهم السبب الرئيسي في حوادث القتل والمصابين علي الطرق لأنهم يقودون سياراتهم بدون أي صيانة أو متابعة فنية لها وقد تكون المركبة قديمة وبها عيوب بجانب العيوب الهندسية للطرق كلها أدت لكثرة الحوادث المروعة سواء المطبات المصممة بشكل خطير واختفاء الاشارات الفوسفورية وأعمدة الانارة وتهالك الطرق نفسها بسبب حمولات سيارات النقل الثقيلة الزائدة علي قدرة ومتانة هذه الطرق وانتهاء العمر الافتراضي لبعض السيارات والكباري وتسرب الرطوبة ووجود شروخ داخل خرسانات الفواصل الحديدية علي جانبي الطرق والكباري بعد أن غاب ما يسمي كنف الطريق فالمساحة المأخوذة من الطريق التي تمكن السائق من اللجوء إليها عند الحاجة لهذا نجد أن طريقاً مثل طريق الصعيد سنوياً يؤدي إلي حوالي 25 ألف حادثة ينتج عنها عشرات الآلاف ما بين قتيل وجريح لأن الطرق غير مجهزة لسير سيارات النقل الثقيل.
غياب الوازع الديني
ومن جانبه يقول الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الاسلامية ان حوادث الطرق تعتبر من المآسي الدامية التي زادت في مصر من خلال السنوات الأخيرة بشكل مفزع بسبب الفوضي والانفلات الأمني وعدم الاستقرار التي حلت بالبلاد وترتب علي هذه الحوادث إهدار أعز مقومات الأمة المصرية وهو الإنسان.
ويؤكد أن رسولنا الكريم يحدد الأهداف ويقول الإسلام بضع وسبعون شعبة أعلاها قوله لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذي عن الطريق وقد اهتم الإسلام بأخلاق وسلوكيات الطريق فنجد ذلك في قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إذا تعثرت دابة في العراق يسألني الله لم لم أمهد لها الطريق وكذلك قول الله تعالي: »ولا تمش في الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا« هذه هي أخلاق الإسلام والناس يجب أن يسيروا علي هدي الإسلام.
موضوع: عزرائيل الأسفـــــلت 
السبت 15 مارس 2014, 1:06 pm
